قال الراوي:
جلس شعيل عند شباك بيته الطيني ينظر إلى الفضاء فلا شيء يحد نظره. ما أمامه أرض لا ماء بها ولا شجر إلا من بضعة بيوت من الطين والحجارة تتحدث عن تاريخ موغل في القدم والوحشة والغربة. يسمع صوت جاره الهندي الذي يدير ما يشبه الدكان وهو يستغيث به: عم شعيل القوم. نظر شعيل فإذا بالقوم (حنشل) سلبوا الهندي ما يملك. جهز (المقَمـّع) ثم مدها من خلال النافذة وصوبها نحو القوم وهو يقول:
شدّت القافلة يا هندي*
أول أمرها عند الله
وآخر أمرها عندي
(أول) و(آخر) بداية ونهاية
شِعَيْل يقرر أن النهاية بيده
الأول في اللغة الذي يترتب عليه غيره، ويستعمل للمتقدم بالزمان كقولنا أبو بكر أولا ثم عمر، والمتقدم بالرياسة في الشيء وكون غيره محتذيا به نحو قولنا: الأمير أولا ثم الوزير.
والأوَّلُ سُبْحَانَهُ هُوَ الذِي لم يَسْبِقْه في الوجُودِ شَيْءٌ، وهُوَ الذِي عَلَا بِذَاتِه وشَأْنِه فَوْقَ كُلِّ شَيءٍ، وهُوَ الذِي لا يَحْتَاجُ إلى غَيْرِهِ في شيءٍ، وهُوَ المسْتَغْنِي بِنَفْسِه عَنْ كُلِّ شَيءٍ
أما الآخر يقابل الأول ويقال لما بقي في المدة الزمنية.
(شعيل) يعزم على أنه سينهي ما بدأه الله (أول أمرها/ القافلة) حيث بعد نهبهم وسلبهم للرجل الهندي سيواصلون مسيرتهم في طمأنينة وسرور. لكن شعيل له رأي مختلف. تفكيره وبندقيته لهما رأي آخر. المشهد بين البندقية والقافلة والهندي وتفكير شعيل سريالي. هل كان شعيل يعلم بما سيفعله القوم؟
هل أعد لهم كمينا يتمثل في دكان الهندي وموجوداته التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لكنها (للقوم) كنز في زمن الجوع سمته والشبع مغبة؟
أضاء نور الطلقة من بندقية شعيل ضوءً للرجل الهندي، وأسمع صوتها لعينيه أملا في أن القوم انتهى أمرهم عند طرف بندقية شعيل.
أول أمرها وآخر أمرها وبينهما (شعيل).
……………….
* سمعت هذه القصة من والدي يرحمه الله يتحدث عن (شعيل) وقال إنه من الأجداد
القصة رواها والدي مختصرة عن طلب الهندي من شعيل المساعدة وقال البيتين
من يومين والقصة تلح علي في منامي
لا أعرف لماذا هل بسبب الحالة الصحية التي أمر بها والهذيان الذي ينتابني وأنا نائم؟
أم أن القصة لها أبعاد إنسانية وترغب في أن تكون مخلدة؟!.
بقلم/ علي عويض الأزوري
