استطلاع/تحقيق/ بوليغراف / هستاق

أثر السمنة على الصحة النفسية

أثر السمنة على الصحة النفسية

زيادة الوزن والسمنة تنتجان في العادة من الخلل بين ما نستهلك من غذاء وبين ما نصرف من طاقة ، إذا الحل ببساطة هو أن نأكل أقل ! حل سهل أليس كذلك ؟ رغم هذا يفشل 90% من البدناء في إنقاص أوزانهم على المدى الطويل ، وذلك لوجود عوامل متعددة تؤثر في السمنة وتجعل مسألة التحكم في الوزن صعبة ومعقدة ، واحد هذه العوامل هو العامل النفسي .

العلاقة بين الصحة النفسية والسمنة هي علاقة ذات وجهين .

فاختلال الصحة النفسية يؤدي بنسبة كبيرة إلى السمنة ، والسمنة كذلك تساهم في ظهور بعض من أنواع الاضطرابات النفسية ، على سبيل المثال في دراسة قام بها المعهد الوطني الأمريكي للصحة النفسية ونشرت بدورية ، ” الأرشيف للطب النفسي ” في مارس 2010 أظهرت هذه الدراسة أن السمنة تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 55% والاكتئاب بدوره يزيد خطر الإصابة بالسمنة بنسبة 58% .

وهذه الأرقام تشير إلى مدى الارتباط بين السمنة والصحة والنفسية ، ولكن هذا لايعني أن البدناء هم مرضى نفسيون بالضرورة .

ولايعني أيضاً أن العلاقة بينهما هي علاقة ” سببية ” بالضرورة ، فعلى سبيل المثال هناك بعض الأمراض الهرمونية ” مثل قصور الغدة الدرقية ومتلازمة كوشن ” يكون من بين أعراضها زيادة الوزن، وظهور بعض الاختلالات النفسية دون أن يكون أحدهما سبباً في ظهور الآخر إنما يكون ناتجاً عن المرض الأساسي.

ولكن المريض النفسي يبقى هو الأكثر عرضة للإصابة بالسمنة ، وذلك لأسباب متعددة منها ما هو وراثي .

فقد وجدت بعض الاختلالات الجينية المشتركة تسهم في ظهور بعض الأمراض النفسية وكذلك زيادة الوزن .

ومن الجدير بالذكر أن طبيعة بعض الأمراض النفسية تكون زيادة تناول الطعام فيها جزءاً من أعراضها.

ومن هذه الأمراض

– الاكتئاب ” غير النموذجي ” : والذي على العكس من الاكتئاب الشائع ” النموذجي ” يحصل فيه زيادة في الشهية ، وخصوصاً للأطعمة النشوية وذات السعرات الحرارية المرتفعة ، ما يؤدي إلى زيادة كبيرة في الوزن.

-الاضطراب الوجداني ثنائي القطب : والذي قد يحصل فيه ” خصوصاً في أثناء نوبات الهوس ” فقدان للسيطرة وخلل في تقدير كمية الطعام المتناولة .

-اضطراب النهم أو ” الشره ” الغذائي ( binge eating disorder ) : وهو اضطراب أن يتميز بنوبات من تناول كميات كبيرة من الطعام ، مع شهور بفقدان التحكم ويتبعها إحساس بالندم والضيق . وهذا الاضطراب يختلف عن الاضطراب العصابي( bulimia nervosa ) والذي يتميز بنوبات من الأكل يتبعها القيء المتعمد أو استخدام المسهلات لمنع زيادة الوزن.

ومن الأسباب التي تجعل المريض النفسي أكثر عرضة للسمنة استخدام بعض الأدوية مثل مضادات الذهان الحديثة وبعض مضادات الاكتئاب ، ما دفع بعض الشركات المنتجة لهذه الأدوية لتمويل برامج مكافحة السمنة وإلحاقها بالعيادات النفسية في بعض المستشفيات.

أثر السمنة على الصحة النفسية
أثر السمنة على الصحة النفسية
لتجنب القلق أو تأنيب النفس ومن هذه الوسائل

-الإنكار : فنجد بعض البدناء لا يعترف بالمشكلة ، بل يصر على أن وزنه مناسب ، وهذا ما يكون عائقاً كبيراً أمام إنقاص الوزن.

-الاندفاعية : فنجد بعض البدناء عندما يغضبون أو يقعون تحت بعض الضغوط يفقدون السيطرة على كمية الطعام التي يستهلكونها ويشعرون بالارتياح بعد تناولهم هذه الكميات الكبيرة ، وما يسهم في تحسن الأشخاص الذي يتبعون مثل هذا الأسلوب هو تعلم طرق بديلة للتأقلم أو التكيف مع الضغوط.

-الظرافة : يستخدم بعض البدناء أسلوب الظرافة أو السخرية لتجنب الشعور بالقلق الناتج من السمنة ، فكثيراً ما نراهم ” ينكتون ” ويسخرون من سمنتهم ، ولذلك يوصف بعض البدناء بأنهم يتمتعون بخفة الظل بالرغم من ثقل أوزانهم !

-الانسحابية ” العزلة ” : يختار بعض البدناء العزلة والبقاء وحيدين ليتجنبوا انتقاد الآخرين وسخريتهم ، وهذا الأسلوب قد يؤدي إلى قلة نشاطهم البدني وبالتالي زيادة أوزانهم .

والسمنة بدورها تؤثر في الصحة النفسية ، فقد أظهرت عدد من الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون السمنة أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب ، واضطرابات القلق ، والاضطراب الوجداني ثنائي القطب ، وبعض اضطرابات الذهان .

ومن المثير للاهتمام أن بعض الدراسات وجدت أن البدناء أقل عرضة لإدمان المخدرات .. وهذا قد تكون من الحسنات القليلة جداً للسمنة.

وكان أن للاضطرابات النفسية دوراً في حالات السمنة ، فإن للعلاج النفسي دوراً في علاجها ، وقد تمت تجربة عدة طرق للعلاج النفسي وكان أكثرها نجاحاً هو العلاج السلوكي ، خصوصاً إذا كان جزءاً من برنامج علاجي شامل، والعلاج السلوكي للسمنة يتلخص في الآتي :

-تعليم المريض كيفية التعرف على الإشارات التي تدعوه لتناول الطعام وكيفية الابتعاد عنها.

-كتابة مذكرات أو يوميات يسجل فيها كميات الطعام المستهلك وأماكن تناول هذا الطعام وأوقاته ، وكذلك تسجيل الحالة المزاجية المرافقة ، وأيضاً تعلم طرق صحية للأكل مثل الأكل ببطء ، مضع الطعام جيداً ، تحديد كمية الطعام قبل الأكل . عدم القراءة أو مشاهدة التلفاز في أثناء الأكل ، وعدم الأكل بين الوجبات ، ومن الطرق المستخدمة استحداث نظام ” للمكافآت ” بحيث يكافئ المريض نفسه إذا نجح في إنقاص وزنه إلى حد معين مثل أن يشتري ملابس جديدة ، أو يذهب في رحلة.

ومن الأساليب المفيدة ، أيضاً استخدام العلاج الجماعي الذي يسهم في تعزيز الدافع ، ويسهل الاستفادة من خبرات الآخرين.

إن الإرادة وحدها أحيانا لا تكفي لحل مشكلة السمنة ، وقد يكون من الضروري تعلم طرق جديدة للتعامل مع الأفكار والمشاعر التي تدفعنا للإسراف في الأكل وبالتالي زيادة الوزن ، وألا تكون نصيحتنا الوحيدة للراغبين في تخصيص أوزانهم : قلل الأكل .

اقرأ المزيد من الموضوعات على صحيفة هتون الدولية من هنا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى