إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

شيء من الذاكرة

أحمد جنيدو

هَذَا الَّذِي مَلَكَ انْكِسَارَ حَيَاتِي.

بَانَ ابْتِهَاجًا فِي غُرُوبِ سِمَاتِي.

هَذَا الَّذِي مَلَأَ الْفُؤَادَ سَعَادَةً

وعَلَى يَدَيْهِ تَعَاقَبَتْ لَحَظَاتِي.

يَبْنِي الوُجُودَ بِنَظْرَةٍ مُشْتَاقَةٍ

ويُجَمِّلُ الإِحْسَاسَ بِالآهَاتِ.

فِي الْقَلْبِ يَتْرُكُ بَسْمَةً ونَقَاوَةً

لِشَقَاوَةٍ بِالْحُزْنِ نطْقُ صِفَاتِي.

ويَطُوفُ فِي رُوحِي فَرَاشَةَ رَقْصَةٍ

لِلْعَيْنِ نُورٌ والْمَدَى رَاحَاتِي.

وأُسَلِّمُ الْوِجْدَانَ دُونَ دِرَايَةٍ

ذَاكَ الأَمِينُ عَلَى غَدِي والآتِي.

وأُطَارِدُ الأَطْيَافَ حِين غِيابَهُ.

فِي كُلُّ رِكْنٍ قَدْ رَنَتْ نَظَرَاتِي.

ستَجُوبُ أَبْعَادَ الضِّياءِ جَوَارِحِي

كَانَتْ هُنَا سِرًّا يَبُوحُ بِذَاتِي.

تِلْكَ السُّنُونَ أَلَا تُسَاوِي لَحْظَةً

منْ هَمْسِ دِفءٍ أَوْرَقَتْ سَنَوَاتِي.

عَادَتْ كَمَا كَانَتْ لِقَلْبِ مُتَيَّمٍ

نُورًا يُدَغْدِغُ بِالهُدَى خَطَوَاتِي.

كَانَتْ تُسَاوِرُنِي الأَمَانِي خِلْسَةً

يَا مَنْ أَرَاكِ بِغُرْبَةِ الخَيْبَاتِ.

حِينًا تَمُرُّ عَلَى حُرُوفِ قَصَائِدِي

أُخْرَى تَجُودُ بِغَصَّةِ الحَسَرَاتِ.

أَبْقَى بِزُهْدِي عَاشِقًا وَخَلاصَتِي

شِعْرٌ يَثُورُ لِغَمْرَةِ الثوْرَاتِ.

فَأَنَا الغَرِيبُ وتِلْكَ أُمِّي تَكْتَسِي

ثُوبَ الحِدَادِ عَلَى صَدَى الأَمْوَاتِ.

فَارَقْتُ فِيكِ وِلَادَتِي وَحِكَايَتِي

كُنْتِ الحَقِيقَةَ فِي طُقُوسِ صَلَاتِي.

عُشْرُونَ عَامًا يَرْحَلُونَ رَسَائِلًا

فَالأُمْنِيَاتُ البِيض فِي مَأْسَاتِي.

أَوْ أَسْأَلُ المَارِينِ عَنْ مَحْبُوبَتِي

سِرُّ الحَنِينِ عَلَى عُيُونِ رُمَاتِي.

تِلْكَ الطُّفُولَةُ ذِكْرَيَاتٌ أَقْفَرَتْ

تَرَكَتْ سُؤَالِي فِي غَوَى السَّاحَاتِ.

فَهُنَا مَرَرْنَا والعُيُونُ تَخَاطُرٌ

وهُنَا جَلَسْنَا نَحْتَسِي أَوْقَاتِي.

كَمْ عَاهَدَتْنَا الرِّيحُ تَنْقِلُ شَوْقَنَا

كَمْ عَانَدَتْنَا فِي الوَنَى صَيْحَاتِي.

فَالاِسْمُ مِنْكِ مَنَارَةٌ لَا تُهْتَدَى

والوَصْلُ فِيكِ مَنَاحَةُ الزَّفَرَاتِ.

والشَّوْقُ يَرْسُمُ خَطَّهُ بِبُرُودَةٍ

فَاقَ اللَهِيبُ عَلَى لَظَى جَمَرَاتِي.

يَقْتَاتُ صَبْرِي ضَاحِكًا و مُنَافِقًا

ويَقُولُ: صَبْرًا لَنْ تَطُولَ نَجَاتِي.

فِي بَحْرِهِ أَلْقَيْتُ عَزْمِي مَانِحًا

حُلْمِي إِلَى الآتِينِ مِنْ مَرْسَاتِي.

وشَبَكْتُ أوهَامَ اللِقَاءِ بِأحْرُفٍ

مِنْ ضَوْءِ شِعْرِي مُرْهَقًا مَشْكَاتِي.

كُنْتِ السُّطُورَ وكنتُ أنبشُ بعضَها

كنتُ اليَرَاعَ وكنتِ حبرَ دواتي.

كُنْتِ الصَّدِيقَةَ فِي الغِيَابِ أَمِينَةً

ذَاكَ البَعِيدُ مُلَازمٌ لَيَالِي.

الآنَ عدتِ تُسَافرينَ بِأضلعي

نَبْضًا يُحَاصِرُ مَنْبَعَ النَّبَضَاتِ.

وتُسَابِقِينِ جَوَارِحِي و مَشَاعِرِي

وتُبَارِكِينِ سَمَاحَةَ الدَّمَعَاتِ.

أو تَسْكُنِينِ خَوَاطِرِي بِرَوَائِعٍ

أمْ تُشْعِلِينِ مَلامِسَ النَّغَمَاتِ.

سَأَرَاكِ مِنْ رُوحِي مَلاكَ حِراسَةٍ

ويَطُوفُ حُبًّا حَارِسُ النَّسَمَاتِ.

الشاعر/ أحمد جنيدو

من ديوان: “إنَّها حقًّا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى