إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

عبد العزيز بن سلمان .. وشركة الكهرباء والأمطار والجرأة على الاعتذار

علي عويض الأزوري

كان أمس الخميس 22 أغسطس 2024 يوما استثنائيا في حياتي وحياة سكان وادي ليه في شرق الطائف. بدأ هطول المطر عند الساعة الرابعة والنصف بعد العصر. في الساعة الخامسة بدأ النور ينقطع ويعود حتى انقطع كليا عند الساعة الخامسة والنصف. تواصلت مع خدمات الأعطال في الشركة السعودية للكهرباء وأخذوا معلومات الفاتورة ليقوموا بتسجيل بلاغ عن انقطاع كلي للتيار. عاد التيار بعدها على استحياء وبدأ في لعبة القطع والعودة. ينقطع لدقائق ويعود لدقيقتين وهكذا حتى الساعة السادسة والنصف انقطع التيار كليا وحتى العاشرة وعشرين دقيقة مساءً. عاد التيار حتى أنني كدت أطير من الفرح لكن لم أستطع الجري فقدمي اليسرى مكسورة وفي الجبيرة. لم تستمر فرحتي كثيرا حيث بدأت اللعبة مرة أخرى يعود لدقائق معدودة وينقطع مثلها حتى الحادية عشر والنصف انقطع التيار كليا إلى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل؛ لم أفرح لأنني خشيت من انقطاعه وآثرت النوم. صحوت عند الرابعة والنصف فجرا وكان حسب توقعاتي كل شيء ظلام في ظلام. أديت ما توجب علي ثم عدت لفراشي عند الخامسة والتيار على حاله. صحوت الساعة السادسة والنصف وعاد التيار ولله الحمد والمنة.

اليوم: الأربعاء 21 أغسطس 2024 كانت هناك رياح شديدة وهطل المطر بجنون وانقطعت الكهرباء لمدة ساعة ونصف ثم عاد التيار، وأخبرتني ابنتي لُجَين أن التيار عاود الانقطاع الساعة الواحدة بعد منتصف الليل لأنني وقتها كنت في فراشي أحلم بالأنوار في كل حياتي.

أعود إلى الوراء وتحديدا الخميس 16 أغسطس حيث هطلت أمطار متوسطة وصاحبها انقطاع التيار وعودته المفاجئة مما أدى إلى تضرر البوابة الرئيسية لبيتي لأنها تعمل على الطاقة الكهربائية. اتصلت على الفني المختص وأخبرني أنه سيأتي بعد ظهر يوم الجمعة وقام بإصلاح الخلل ودفعت له ما يستحقه.

قبل عدة سنوات بدأت الشركة بالحفريات أمام بيتي وعلى طول الشارع الأسفلتي المؤدي إلى داخل القرية وكان الهدف هو تحويل الطاقة الكهربائية بدلا من الأعمدة إلى أرضية، لكن ما تزال الأعمدة موجودة والكيبل الرئيس الموصول بالعداد يتغذى من العمود.

اتصلت بي والدتي -متعها الله بالصحة- الساعة الثانية ظهرا يوم 22 رمضان قبل عدة سنوات ما بين الخمس والسبع تسألني عن التيار الكهربائي هل يعمل عندي لأنه انقطع عن الطابق الذي تسكن فيه (نسكن والدتي وأخي الأكبر وأنا في بيت واحد مكون من 3 طوابق). كان التيار يعمل في الطابق الذي أسكن فيه ودخلت على حساب الوالدة الخاص بشركة الكهرباء. كانت هناك فاتورة متأخرة السداد ودفعت المبلغ المستحق وأبلغت شركة الكهرباء بذلك. كان المفترض أن يعود التيار ولكن للأسف باءت كل محاولاتي بالفشل من اتصالات وبلاغات حتى اتصلت على أحد المعارف في الشركة وجاء مشكورا الساعة التاسعة والنصف مساء وأعاد التيار.

قمت برفع شكوى عن طريق موقع الشركة على الإنترنت، ثم رفعت شكوى إلى هيئة تنظيم الكهرباء. عندما فتحت موقع الهيئة كان هناك ما يشبه الإعلان التحذيري بعدم فصل التيار الكهربائي عن العميل بسبب الفواتير في رمضان والصيف وأيام الامتحانات. ذكرت في شكواي أن الهيئة تمنع فصل التيار في أزمنة معينة ثم أكملت بقية الشكوى. وصلتني رسالة نصية من الشركة كان يبدو أنها إجابة على استفسار الهيئة وكان محتواها أن العميل يشكو من التأخر في إعادة التيار ولم يذكروا بقية الشكوى. وصلتني رسالة من الهيئة محتواها أن التواصل مع مقدم الخدمة (الشركة) ما زال مستمرا. استمرت رسائل الهيئة بنفس الأسلوب والمحتوى لمدة ستة أشهر ثم انقطعت، وهي رسائل إلكترونية روبوتية.

كنت أتناول طعام الإفطار مع والدتي ذات صباح قبل ما يقرب من 5 سنوات عندما انقطع التيار فجأة. خرجت لأتبين المشكلة فإذا بثلاثة أشخاص يقفون عند العدادات الرئيسية خارج المنزل. كانت السيارة عليها اسم شركة تتبع لشركة الكهرباء وبها السائق، واثنان من شبه القارة الهندية يقوم أحدهما بشد المسامير على الكوابل المتصلة بالعداد التي تتصل بالكيبل الرئيسي من (العمود). سألته لماذا يقوم بذلك قال باللغة التي نتعامل بها معهم: هذا فني يسوي مسمار ما يسوي مشدود عشان يسوي تهريب كهربا وفاتورة كثير، أنت كم فاتورة؟ قلت ما بين 700-800، قال أنت يشوف آخر شهر فاتورة 200-250 وصدق، بدأت الفواتير من يومها لا تتجاوز 300 ريال.

إن الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة والصواعق لا أستطيع ولا الشركة التحكم فيها، فهي بأمر الله سبحانه، لكني أتكلم عما يخص البشر والشركة ومسؤوليها ومهندسيها والفنيين العاملين بها. الصيانة الدورية وتحديث الكابلات والأسلاك وما يخص سلامة الهندسة الكهربائية هي من مسؤوليات الشركة ولا يعفيها من الاعتراف بأن هناك خلل وتقصير. لا أريد خلق مبررات وأن ما حدث يحصل في كل العالم، ولا أرغب في المقارنات لأنها لا تقوم على أساس علمي ومنهجي ومنطقي وعقلاني، ولو أردت ذلك لقلت أن المانيا احتفلت قبل 10 سنوات بمرور 32 عاما على عدم انقطاع التيار الكهربائي.

هل الشركة ستعوض المواطنين عن الأضرار التي لحقت بأجهزتهم الكهربائية جراء الانقطاعات المتكررة في الساعة الواحدة؟.

قال صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة في المؤتمر الصحفي عندما تم ضم قطاع الكهرباء إلى وزارة الطاقة في 2020: لدينا فرصة تاريخية لضم قطاع الكهرباء إلى وزارة الطاقة. مؤكدا أن هيكلة ديون شركة الكهرباء سيعزز من أداء قطاع الطاقة في البلاد. وقال سموه: أمتلك الشجاعة لأعتذر لجميع المواطنين عن 40 عاما من عمر قطاع الكهرباء، وأعدهم بالعمل على تطوير القطاع وأن يرون نقلة كبيرة في المستقبل، نريد فقط منحنا الوقت للعمل.

وأضيف كلاما لسموه خلال ملتقى ميزانية 2022: “كيف يكون لك قطاع كهرباء فاعل وهو يدار بشكل، ما أبغى انتقد لكن الحقيقة هجين، لا هو دولة لا هو شركة حاجة في منزلة بين المنزلتين. هذا وضعها كما هي، قرض حسن قرض غير حسن قرض مؤدب قرض قليل الأدب.”

وأضاف: “قطاع الكهرباء.. التحول الذي قمنا به الآن سترونه خلال السنوات القادمة، في شركة الآن محاسبة عندها قدرة مالية تقدر تستثمر والدولة مكنتها أن تكون مستثمرة لكن الدولة ما تركتها مفتوحة في لجنة إعادة هيكلة.”

والأهم ما قاله سموه في نفس المؤتمر: “من علمني الصدق والأمانة هو سلمان بن عبد العزيز، ومن علمنا جميعاً الجرأة في قول الحقيقة هو محمد بن سلمان بن عبد العزيز لأننا نريد أن نكسب ثقة المواطن والمواطنة”.

فهل لشركة الكهرباء أن تكسب ثقتنا وأن يكون لديها الجرأة والشجاعة مثل سموه في الاعتذار والاعتراف بالخطأ وعدم اللجوء للمبررات والأعذار الواهية ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانقطاعات.

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سعادة رئيس تحرير صحيفة الهتون

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    نثمن لسعادتكم وصحيفتكم الموقرة الدور الكبير الذي تضطلعون به في خدمة الإعلام الوطني الهادف.

    إشارة إلى مقال الكاتب على بن عويض الأزوري بتاريخ 24 أغسطس2024 وعنوان “عبد العزيز بن سلمان .. وشركة الكهرباء والأمطار والجرأة على الاعتذار”، والذي يعكس تجربة شخصية للكاتب مع خدمات السعودية للكهرباء.

    تقدر الشركه ملاحظات كافة عملاءها، وتتفهم ماقد ينشأ نتيجة لانقطاع خدمة مهمة ورئيسية، خاصة في أوقات يكون فيها الطقس غير مستقر. وعليه، نود أن نوضح أن السعودية للكهرباء تعمل بشكل مستمر لتحسين خدماتها وضمان استقرار الخدمة الكهربائية لجميع عملائها. ولكن، كما أشار الكاتب، هناك تحديات تتعلق بعوامل الطقس وظروف خارجة عن الإرادة، مع الاعتذار للعملاء عن أي انقطاع في الخدمة مهما كانت الأسباب، ومواصلة العمل على تحسين الشبكات وتطوير عمليات الصيانة والتشغيل للحد من هذه الانقطاعات.

    هذا ونفيدكم بأن منطقة وادي ليه، قد تعرضت لأمطار غزيرة وصواعق غير مسبوقة خلال الفترة الماضية، مما أدى إلى جريان الأودية وقطع بعض الطرق وحدوث بعض الانقطاعات للخدمة الكهربائية عن بعض القرى بالمنطقة، حيث باشرت فورًا فرق الطورائ المناطق المتأثرة وتمكنت من إعادة الخدمة على الرغم من التحديات في الوصول لبعضها نتيجة تدفق السيول.

    كما نفيدكم بأنه تم استهداف المنطقة بعدة مشاريع تحسينية بالإضافة لمشاريع أتمتة الشبكة بمعدات ذكية تسهم في سرعة إعادة الخدمة للمشتركين عند حدوث الانقطاعات.

    هذا وتطمئن الشركة الكاتب وجميع عملائها أنها تتعامل مع أي شكوى وفقًا لأعلى معايير الجودة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحالات.

    ختامًا.. تعبر السعودية للكهرباء عن حرصها التام على تقديم أفضل الخدمات وتعزيز موثوقية الخدمة الكهربائية لجميع المشتركين في مختلف مناطق المملكة، وتدعو مشتركيها للاستفادة من خدماتها عبر تطبيق الكهرباء ALKAHRABA.

    ولكم وافر التحايا،

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى