إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

مرحلة التحول الإنساني ( مكينسانية) وما بعد الانسان والتفرد (الجزء الأول)

علي عويض الأزوري

مكينسان: هذه الكلمة الصديق الدكتور ربيع جان وأنا أوجدناها وهي ماكينة + إنسان للدلالة على مفهوم أو مصطلح transhumanist).

(إن التحول البشري ( المكينسانية transhumanism)  هو الموقف الذي ينص على أنه ينبغي السماح للبشر باستخدام التكنولوجيا لتعديل وتعزيز الإدراك البشري والوظائف الجسمية، وتوسيع القدرات والإمكانات بما يتجاوز القيود البيولوجية الحالية.).

يتجاوز القيود يعني كسرها، وتجاوزها يعني أيضا التعديل بما يتناسب مع التفكير الإنساني. يريد الانسان (خلق) كائن يحمل صفات بشربة قام بتعديلها حسب ما يراه، وأضاف له كائن ميكانيكي ليؤدي أدوارا حسب ما تقتضيه مصلحته.

إن ما يميز المكينسانية كحركة وأيديولوجية عن غيرها مثل النسوية والتحررية هو مجموعة من القيم الأساسية المشتركة والاقتناع بأن هذه القيم يمكن متابعتها باستخدام التكنولوجيا. ومع ذلك، حتى فيما يتعلق بالقيم والأساليب، هناك اختلافات بين أنصار المكينسانية، ولفهم الموقف بشكل أفضل، علينا التمييز بين ثلاثة مستويات من الثقافة والفكر المكينساني.

المستوى الأول: هو مجموعة من القيم والمعتقدات اللازمة لاعتبارها مكينسانية.

المستوى الثاني: هو مجموعة من القيم والمعتقدات التي تتوافق مع حركات وفكر المكينسانية وتتعاطف معها وتتزامن معها تاريخيا، وأحيانا لدرجة أنه ينظر إليها على أنها مكونات أساسية للمكينسانية. ومع ذلك، فإن هذه القيم والمعتقدات ليست ضمنية منطقيا من خلال المواقف الأساسية للمكينسانية، وقد يكون المرء ما بعد المكينسانية بدونها.

المستوى الثالث: هو مجموعة من التقنيات والأفكار المستقبلية التي ترتبط بقوة بما بعد المكينسانية.

تجسد بعض هذه التقنيات معتقدات المكينسانية حول الطبيعة الميتافيزيقية للبشر والوعي والحياة. بعضها يتماشى فلسفيا مع قيم المكينسانية المشتركة. وينظر إلى بعضها على أنها وسائل تقنية ضرورية لتحقيق أهداف المكينسانية. وللفائدة يفترض توضيح بعض المفاهيم التي غالبا ما يساء فهمها واستخدامها:

يستخدم مصطلح “الإنسان” للدلالة على أعضاء الجنس للإنسان العاقل، مع تاريخهم التطوري المحدد، والتنظيم الجسمي، والقدرات المعرفية. ويشير مصطلح “الإنسانية“: إلى مفهوم واسع جدا يؤكد على أن المجال البشري هو المحور الأكثر قيمة للنشاط البشري والتحقيق، بهدف تطوير الفضائل والإنجازات الإنسانية على وجه التحديد إلى أقصى حد.

تعتمد الحركة (المكينسانية) على التقدم في الهندسة الوراثية وعلم الأعصاب وتكنولوجيا (السايبورغ) والذكاء الاصطناعي لمساعدة البشر على تطوير قدرات فكرية وجسمية ونفسية أقوى.

بحثت عن السايبورغ cyborg   فهذا مفهوم جديد لي، ووجدت:

(السايبورغ هو روبوت شبيه بالبشر، أو بشكل أكثر دقة، مزيج من البشر والروبوتات. الروبوتات هم بشر ميكانيكيون يعتمدون على الذكاء الذي يقدمه الناس. ومع استخدام الذكاء الاصطناعي، يستطيع السايبورغ الآن إنشاء خوارزمياته الخاصة. يعد اندماج المنطق والتكنولوجيا جانبًا رئيسيًّا في إنشاء السايبورغ)2

أحتاج إلى استيعاب ما كتبته بناء على بحثي وما قرأته. هدف المكينسانية هو إعادة تكوين الإنسان وتغيير وظائفه الرئيسية. ربما إعادة خلق ولا دخل للمعتقدات الدينية والأخلاقية ethics، فالإنسان قتل هذه المعتقدات في تفكيره وقلبه، ويبحث عما هو أكبر.

“تكمن الخطورة في أن المخلوق (مكينسان) يحمل كل صفات الخير والشر لدى الخالق (الإنسان) وميله للشر أقوى ويلجأ إليه للهيمنة والسيطرة وهو نزوع وجودي للمخلوق لكي يصبح خالقا.” د. ربيع جان

إن التقدم في الهندسة الوراثية وتطوير قدرات فكرية وجسمية ونفسية أقوى هو بلا شك خلق جديد. يتدخل الإنسان في الإنسان الذي يبدو أنه لم يعجبه هذا التكوين الإلهي ويرى أن هناك نقصا في بعض مكوناته ويريد التلاعب بالجينات والقدرات.

 يكون التركيز الثانوي على إطالة العمر. يأمل أتباعها في القضاء على الشيخوخة تمامًا من خلال العلاجات التي يمكن أن تبطئ العملية أو تعكسها. يدرس العلماء تدخلات مثل إطالة التيلومير أو الطب التجديدي.

إطالة العمر ليست فكرة جديدة. سعى الإنسان منذ القدم للبحث عن عقار يطيل عمره ويمنحه الخلود أو الحياة الأبدية. حاولت الحضارات القديمة مثل الصينية والمصرية والهندية إيجاد إكسير الحياة. إكسير الحياة، (بالإنجليزية: Elixir of life) ‏ المعروف أيضًا بإكسير الخلود وأحيانًا يساوى بينه وبين حجر الفلاسفة: هو عقار أسطوري أو مشروب يضمن لشاربه حياة أبدية أو شباب أبدي، وقد سعى إليه العديد من ممارسي الخيمياء (الكيمياء القديمة). وقيل أيضًا عن إكسير الحياة أنه يمكن أن يخلق الحياة. وهو أيضًا مرتبط بأسطورة (تحوت) إله المعرفة عند المصريين القدماء، وهرمس الهرامسة؛ حيث قيل عن كل منهما في حكايات متفرقة أنه تناول القطرات البيضاء (الذهب السائل)، وحصلا بذلك على الأبدية. وقد ذكر في أحد نصوص نجع حمادي أن الماء معروف أنه إكسير الحياة حيث أنه مصدرٌ هامٌ لحياتنا.

 بدأ الاهتمام بعلوم محاربة الشيخوخة وإطالة العمر (Anti-aging and Longevity Sciences) في القرن السادس عشر حينما ألف الإيطالي لويجي كورنارو كتاب “فن العيش الطويل” (The Art of Living Long) الذي أشار خلاله إلى أهمية الحفاظ على حيوية الجسم أثناء أعوام الشيخوخة بالتزام تناول الغذاء الصحي وعيش حياة منظمة.

وجد باحثون عدة مجموعة من الروابط بين الجينات وشيخوخة الخلايا، منهم عالمة الجينات سينثيا كينيون التي استطاعت تعديل أحد جينات الديدان من فصيلة “سي إليغانز” (C. Elegans)، وقد أدى ذلك التعديل إلى مضاعفة أعمار تلك الديدان وعيشها حياة صحية، مما لفت الانتباه إلى إمكانية تعديل الجينات لمحاربة الشيخوخة.

سيكون (المكينسان) إنسانا خضع لتعديل تكنولوجي كاف بحيث لم يعد من السهل تصنيفه على أنه إنسان عادي (يمتلك، على سبيل المثال، عمرا ممتدا/ أطول، وقدرات معرفية معززة، وغرسات اصطناعية) ولكنه لا يزال إنسانا بما يكفي في النظرة الأساسية والإدراك والبيولوجيا ليكون عضوا في الجنس البشري، لكن سيكون هناك جنس بشري أخر مختلف في الصفات والشكل والتكوين.

المكينسانية هي أيديولوجية إنسانية. إن مجرد اعتناق معتقدات معينة لا يجعل المرء مكينساني -وهذا يتطلب تعديلا تقنيا كبيرا. من الناحية العملية، تجدر الإشارة أيضا إلى أن المكينسانية غالبا ما يستخدمون الرمز H + للوقوف فيما المكينسانية، مما يدل على تعزيز الإنسان (H).

يتميز التعزيز المعرفي أيضا بشكل بارز. يمكن لواجهات الدماغ والحاسوب (BCIs)، التي تربط العقول مباشرة بالآلات، أن توسع العديد من جوانب الذكاء البشري -الذاكرة، والقدرة على التعلم، والأداء المعرفي العام -وتمكن البشر من الاندماج بسلاسة أكبر مع الأنظمة الذكاء الاصطناعي.

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى