إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

من الأخطر.. الأسواق أم المساجد؟

لا يحتاج المواطن الجزائري مهما كانت بساطته، إلى التفكير لوقت طويل أو بذل مجهود خارق، ليكتشف مدى خطورة الوضع الصحي في البلاد، استنادًا إلى الإحصائيات اليومية التي يسمعها من المسؤولين والتي لا تبشّر بالخير، ولا يَطمئنُّ لها إلا صاحب قلب بارد.

إلا أنه وبالرغم من تزايد الوضع سوءًا، توجهت الحكومة إلى قرار -أراه كما رآه وسيراه كل جزائري واعٍ مدرك تماما للخطر المحدق، أو لنسميه الانتحار الجماعي الذي سينجم عنه- ارتجالي، عشوائي، وغير مدروس بدقة، وكأني بها تخلّت بشكل كامل عن المجهود الذي بذلته في سبيل وضع حدٍّ لانتشار فيروس كورونا، والنتائج الحسنة التي حققتها طيلة الأسابيع الماضية.

لما قررت الحكومة غلق المساجد تفاديًا للتجمعات التي تنتقل العدوى بموجبها بين الناس، نزل القرار كالصاعقة على الجميع، وربما ما خفّف من وطأة الصدمة، هو قرار إغلاق كل المحلات، على أساس “إذا عمّت خفّت” ولكن المشكل الآن هو ضرب كل الإجراءات السابقة عرض الحائط، بمجرّد فتح المجال أمام النشاط التجاري على اختلافه (سيارات أجرة، محلات حلاقة، محلات بيع الأواني المنزلية، الذهب، مواد البناء، التجميل والعطور… إلخ) ولا زلنا نعيش أزمة حقيقية، والدليل على هذا عدد الإصابات المتزايد يومًا بعد يوم.

إذا رأت الحكومة أن هذا القرار هو الأنسب، فما بالها لم تأذن أيضًا بعودة الحياة إلى المساجد والجامعات والمعاهد والمدارس، أليست هي الأولى بالفتح بدلًا من المأساة التي يعانيها الطلبة راكضين من أجل قطرة “إنترنت” ولهيب الصيف يلوّح من بعيد؟ هل المواطن محمي من ” كورونا” وهو يتسكع في المحلات والأسواق، ولهذا تم فتحها أمامه، بينما يجد نفسه غير محمي وهو يسجد لله أو يطلب العلم ولذلك أغلقت في وجهه؟ أين الحكمة في هذه القرارات ومن سيدفع فاتورتها، المواطن الذي قد لا يجد مهربًا بعد تفاقم الأزمة وانتهاء مخزون العلاج، أم الحكومة التي أراها بدأت ترتبك وتطلق قرارات تفسرها جملة واحدة “لا تريدون الانضباط والالتزام بالحجر، سنفتح لكم ما تريدون وكل واحد يستحفظ بروحه، واللي مات ربي يرحمه واللي عاش مبروك عليه”.

أتمنى فقط ومن صميم فؤادي، أن يتفطن الفرد الجزائري للأمر وأن لا ينساق أمام هذا التخفيف الذي لن يقود البلاد إلا للهاوية -لا سمح الله- ولا ننسى أن منظومتنا الصحية ضعيفة ولن تتحمل المزيد من الضغط، ولسنا بحاجة إلى تلميع الواقع بالمساحيق الإعلامية والخطابات التطمينية، لأن الواقع “ما يعجبش”.

الكاتب الجزائري/ طارق ثابت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى