إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الجساس “السادة والعبيد” (3) دراسة نفسية تحليلية

علي عويض الأزوري

 

Masters and Slaves

جبير/أبوه+ أمه/أبو عوض/ العمه لطيفة

The relationship between slaves and their masters could, at the same time, be governed by exploitation and affiliation, submission under the master’s authority and intimacy. It was characterised by what may be called a mutual dependency: the master was dependent on the slave’s loyalty and the slave dependent on the master’s maintenance and humane treatment of him. While slaves had to bow to their master’s wishes under the constant threat of punishment, they could also become indispensable to them, function as their confidants, and be party to their secrets. One may assume that masters who had one or a few slaves only stood in a closer relationship to them than those who owned many. But even in large households, some slaves will have been closer to their master than others, depending on their respective functions.

Oxford Academic

أكسفورد الأكاديمي

(يمكن أن تكون العلاقة بين العبيد وأسيادهم، في نفس الوقت، محكومة بالاستغلال والانتساب، والخضوع لسلطة السيد والحميمية. وقد اتسمت بما يمكن تسميته بالاعتماد المتبادل: كان السيد يعتمد على ولاء العبد، والعبد يعتمد على صيانة السيد له ومعاملته الإنسانية. وبينما كان على العبيد أن يُذعنوا لرغبات أسيادهم تحت التهديد المستمر بالعقاب، فقد يصبحون أيضًا لا غنى عنهم بالنسبة لهم، ويعملون كمقربين منهم، ويكونون جزءًا من أسرارهم. يمكن للمرء أن يفترض أن السادة الذين كان لديهم عبد واحد أو عدد قليل من العبيد كانوا على علاقة أوثق بهم فقط من أولئك الذين يملكون الكثير. ولكن حتى في الأسر الكبيرة، سيكون بعض العبيد أقرب إلى أسيادهم من غيرهم، اعتمادًا (على وظائف كل منهم).

بدأ هذا المفهوم منذ القدم (السادة والعبيد)، وتغيرت أشكاله ودرجاته ونسبيته في المجتمعات على اختلاف لغاتها وأعراقها. يبقى هذا المفهوم موجودًا في كل المجتمعات بنسب متفاوتة حتى وإن لم يكن ظاهرًا للعيان، لكنه ينعكس في معاملاتهم لبعضهم البعض، ومعاملاتهم مع الآخر.

هل هناك علاقات جنسية بين السادة والعبيد؟

هناك أدلة كثيرة على العلاقات الجنسية، بدءًا من الاغتصاب وحتى ما يبدو أنها شراكات رومانسية تكافلية نسبيًّا، ولعل عنترة بن شداد وزياد بن أبيه (بن أبي سفيان) مثالان صارخان لذلك. يتخذ ذلك المفهوم أشكالًا وتصنيفات وتعريفات حسب المفاهيم الدينية والمجتمعية. ظهر في رواية الجساس هذا المفهوم تحت غطاء (ملك اليمين) الذي أحله الدين الإسلامي، لكن أسيئ استخدام هذا المفهوم، و (جبيّر) أحد أولئك الذين كانوا نتاجًا له. كان عدم اعتراف أبيه به بعد ولادته ووسمه في معصمه وطرده لوالدته دلالة على أن ما قام به أبوه هو اغتصاب لوالدته تحت غطاء (ملك اليمين)، وعقابًا لها في المقام الأول. لكنه السائد في عصره ولا يمكن محاسبة السيد على ما قام به؛ فهو نظريًّا وعمليًّا يملك تلك الجارية وتعتبر شيئًا من متعلقاته وأملاكه مثل قصره وملابسه يتصرف فيها كيف يشاء وقت يشاء، والأسوأ أن له الحق في أن يتخلص منها وقت يشاء (العقاب). كان ذلك هو العقاب الأول في حياة جبيّر، تبعه (عقاب آخر) عند (أبو عوض –سأتحدث عنه لاحقًا-) وعقاب مضاعف من والده عندما أرسل من يتعقبه ليقتله.

جبير وأبو عوض ومفهوم السيد والعبد الخفي

كتبت في الجزء الثاني من هذه الدراسة عن علاقة الأبوة السطحية بين (أبو عوض) و (جبيّر) التي تلاشت واضمحلت عند أول اختبار. ظهر ذلك المفهوم في أبشع صوره عندما قام (أبو عوض) بربط جبير في حظيرة الأغنام (عقاب). سطع في ذهني الوسم في معصم (جبيّر) وفي ذهن (أبو عوض) فهو وسم بهائم، وكأني بأبي عوض يحدث نفسه أن مكانة جبير عنده لا تتعدى أن يكون بهيمة ومكانه مع الأغنام التي لا فرق بينه وبينها. اقتنع جبير عندما حدث نفسه أن (أبو عوض) أحبه أن ذلك مجرد وهم وحبسه مع الأغنام يزيل الشك وغطاء المحبة المزيف والمغلف وسقطت كل الأقنعة. قام (أبو عوض) باستغلال (جبيّر) عندما امتلأ مجلسه بالضيوف وأصدر أمره له بجمع الحطب وإشعال النار، وفي المقابل حصل (جبيّر) على حصانة من (أبو عوض) بأن لا يتعرض له باقي أفراد القبيلة بسوء المعاملة والاستغلال: “هذا مثابة ولدي”.

يظهر على السطح مفهوم آخر وهو الفوقية Superiority   أو التميز ويقابله الدونية Inferiority.

عندما نقلت (عطايا) أوامر والدها (أبو عوض) لجبيّر بأن يذبح الشياه ويعد القهوة للضيوف. كان بإمكان (أبو عوض) أن ينادي على (جبيّر) ويصدر له أمره مباشرة، لكنه آثر عن وعي أو عن لا وعي أن تقوم (عطايا) ذات الثمان سنوات بذلك.

العبودية تُسقط نفسها على نفسها

أستطيع أن أجد مبررًا للعبودية المتمثلة في والد (جبيّر) الشرعي وفي (أبو عوض) لسيادة ذلك المفهوم وانتشاره في حقبة زمنية ماضية ولكونهما من علية القوم. لكن أن يستعبد الرقيق رقيقًا مثله، فتلك ثالثة الأثافي.

لماذا يتمكن رقيق من الشعور بالفوقية على رقيق آخر واستعباده؟

(يرى (هيجل) الفيلسوف الألماني جدلية السيد والعبد (ألمانية:Herrschaft und Knechtschaft تترجم حرفيًّا إلى الهيمنة والاستعباد) هي موضوع أساسي في كتابه ظواهرية الروح الصادر عام 1807 أن العلاقة بين السيد والعبد عبارة عن وعيين مستقلين يواجهان بعضهما البعض وينخرطان في صراع الحياة والموت. يجب أن يتصارع الوعيان الذاتيان لأن كل منهما يرى الآخر بمثابة تهديد لنفسه. حتى المواجهة، كان كل وعي ذاتي يعتبر نفسه مقياسًا لكل الأشياء. في هذا الصراع لتحديد الحقيقة الموضوعية لذاته، يسعى كل وعي إلى إثبات يقين وجوده ليس فقط لنفسه بل وللآخر. بعبارة أخرى، يحاول كل وعي إثبات قيمته للآخر وكذلك لنفسه. لذلك، على الرغم من أن الصدام يبدأ كصراع حتى الموت، فإن المنتصر في المعركة يحفظ حياة المهزوم حتى يتمكن الخاسر من تقديم شاهد خارجي موضوعي على قوة المنتصر. من هذا الصراع بين الحياة والموت تنشأ علاقة سيد وعبد، حيث يكون المنتصر سيدًا والمهزوم عبدًا. من خلال الهزيمة، أدرك الخاسر أنه ليس المعيار الموضوعي للحقيقة في العالم؛ لقد حقق وعيًا ذاتيًّا. ومع ذلك، لم يكتشف السيد حدوده، لا يزال يرى نفسه مقياسًا لكل الأشياء. *ويكيبيديا.

استطاعت العمة لطيفة أن تفرض سيطرتها على (جبيّر) وأن تعامله معاملة العبيد مع أنها في نظر الباقين تتساوى معه في تلك الصفة. كان الصراع بين وعي العمة لطيفة وبين وعي (جبيّر) صراعًا ناعمًا استخدمت فيه العمه لطيفة أسلحتها الخفية لتنتصر على وعي جبير. يبرر لفظ (العمة) مسألة السيادة التي اعترف بها (جبيّر) ضمنيًّا في وعيه ليكون خاضعًا للعمة (لطيفه) وينفذ -بلا معارضة أو شعور بالأنفة والعزة- أوامرها. انتصرت العمه(لطيفة) وحفظت حياة (جبيّر) ليتأصل في وعيه الشعور بالعبودية التي يصحبها الذل والمهانة.

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى