إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

أيام الماعز: المؤلف المتطفل واستسخاف عقلية القارئ

علي عويض الأزوري

إن تدخل المؤلف يخل بإيقاع القصة، ويزعج القراء، ويزعج الشخصيات التي يتعين عليها التكيف مع الحبكة والخط العام للرواية. قد يكون من الصعب على الكُتاب أن يروا تدخل المؤلف في أعمالهم لأنهم معتادون على آرائهم ومعرفتهم؛ فهي جزء منهم ولا يرون فيها عادة أي خطأ، ولن يزعجهم رؤية آرائهم في الآخرين.

كيف للقارئ معرفة المؤلف المتطفل:

– عندما تبدو شخصية ما فجأة مختلفة عن نفسها لأسباب لا علاقة لها بالحبكة

– عندما يكشف أحد الشخصيات عن معرفة لا يستطيع أو لا ينبغي له أن يعرفها، ليس بالضرورة عن أحداث القصة ولكن المعرفة العامة بالعالم.

– عندما يتحدث الشخصيات كما لو كان جميعهم حاصلين على درجات أو شهادات عليا في مختلف العلوم والمعارف

يرى نجيب قطيع الإبل لأول مرة في حياته، ولا يعرف كيفية التعامل معها، لكنه يصف الجمل بأنه:

I would like to describe the camel as the personification of detachment

أود أن أصف الجمل بأنه تجسيد للانفصال (ص62)

استعنت بصديقي كوبايلوت Copilot لأفهم ماذا يعني نجيب بذلك فأجاب:

التشخيص/ التجسيد: هو أسلوب أدبي حيث تُنسب السمات والعواطف البشرية إلى كيانات غير بشرية، مثل الأشياء أو الحيوانات أو المفاهيم المجردة. عندما يتعلق الأمر بتشخيص/ تجسيد الانفصال، فهذا يعني إعطاء خصائص بشرية للفكرة المجردة المتمثلة في البعد العاطفي أو الانفصال.

على سبيل المثال، قد تقول “وقف الانفصال في الزاوية، يراقب الفوضى تتكشف بعيون غير مبالية”. هنا، يُمنح الانفصال القدرة البشرية على الوقوف والمراقبة والشعور بالعواطف (اللا مبالاة)، مما يجعل المفهوم أكثر وضوحًا وقابلية للتواصل”.

ارتكب المؤلف بنيامين خطأً فادحا عندما نسب هذا الكلام للعامل البسيط غير المتعلم (نجيب). ذكرت في إحدى الدراسات عن حياة الماعز أن المؤلف(بنيامين) يستخف بالقارئ الذي هو شريك معه في الرواية وتقييمها حسب معارفه وعلمه. (تجسيد الانفصال) لا يفهمه إلا أناس متخصصون ويحملون درجات عليا في تخصصات معينة لفهم ذلك القانون أو المفهوم، لكن بنيامين بدون وعي تدخل في السرد ونسف القارئ الموجود على الطرف الآخر من الكتاب.

يتكرر الخطأ عندما يتعامل (نجيب) مع الماعز ويقول:

I had never seen a goat so close in my whole life. Okay. You might wonder—haven’t seen a goat closely! Where are you from? Yes, you and I have seen goats. Goats have been living in close proximity of humans since the dawn of settled life—from 7000 or 6000 BC

لم يسبق لي أن رأيت عنزة قريبة إلى هذا الحد في حياتي كلها.. حسنًا. قد تتساءل -لم أر عنزة عن قرب! من أين أنت؟ نعم، لقد رأينا أنا وأنت الماعز. كانت الماعز تعيش على مقربة من البشر منذ فجر الحياة المستقرة -من 7000 أو 6000 قبل الميلاد. (ص69)

(نجيب) الذي لا يتقن القراءة والكتابة، وأجزم أنه لا يعرف تاريخ ميلاده أيضا، أصبح فجأة يعرف تاريخ الماعز في الوجود، وأنها تعيش مع البشر منذ 6000 أو 7000 سنة قبل الميلاد.

يعود مرة أخرى ليؤكد تواجد الماعز وليعطي تاريخا لتواجد الخرفان (الضأن) على لسان نجيب:

Although they have, like sheep, been living with humans for about six thousand years, we did not have such a hard time domesticating any other animal.

على الرغم من أنهم (الماعز)، مثل الأغنام، كانوا يعيشون مع البشر لمدة ستة آلاف عام تقريبًا، إلا أننا لم نواجه مثل هذه الصعوبة في تدجين أي حيوان آخر.

وهل تم تدجين كل الحيوانات؟

يتناسى المؤلف بنيامين نفسه ويطلق أحكاما جدلية لا تفيد القارئ أو تضيف لمعلوماته شيئا مختلفا وجديدا. لا أعلم لماذا يتبع السيد بنيامين هذا الأسلوب في السرد. هل ليعطي القارئ انطباعا أن (نجيب) صاحب علم عميق وهو رجل أمي لم يتصل بالعالم الخارجي إلا عندما سافر من بومباي إلى الرياض ولا يملك من وسائل التواصل الحديثة حتى هاتفا محمولا!.

هل يريد المؤلف المتطفل السيد بنيامين أن يقول إن (نجيب) يفهم عن عالم الحيوان أكثر من القارئ؟

إن كان ذلك فلماذا كتب هذه الرواية عن نجيب الذي له دراية عميقة وموغلة في تاريخ الحيوانات؟

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى