إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الثريا

يقول تعالى ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ﴾

يقسم تعالى بالنجم عند هويه، أي: سقوطه في الأفق في آخر الليل عند إدبار الليل وإقبال النهار، لأن في ذلك من آيات الله العظيمة ما أوجب أن أقسَمَ به، والصحيح أن النجم اسم جنس شامل للنجوم كلها، وأقسم بالنجوم على صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحي الإلهي، لأن في ذلك مناسبة عجيبة، فإن الله تعالى جعل النجوم زينة للسماء، فكذلك الوحي وآثاره زينة للأرض، فلولا العلم الموروث عن الأنبياء، لكان الناس في ظلمة أشد من الليل البهيم.

وقيل: النجم إذا هوى، أي: إذا سقطت الثريا مع بزوغ الفجر وقيل معناها القرآن إذا نزل.

وقوله تعالى: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾ يقول تعالى ذكره: ما حاد صاحبكم أيها الناس عن الحقّ ولا زال عنه، ولكنه على استقامة وسداد.

ويعني بقوله (وَمَا غَوَى): وما صار غويًّا ولكنه رشيد سديد.
وما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه (إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى) يقول: ما هذا القرآن إلا وحي من الله تعالى، فهو ليس عن نفسه،
وما يقول قولا عن هوى وغرض.
وعلمه إياه شديد القُوَى: وهو جبريل عليه السلام، والقُوَى لفظ جمع تعني أسباب القوة.

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (ذُو مِرَّةٍ) فقال بعضهم: معناه: ذو خَلْق حسن، وقيل: ذو منظر حسن، وقيل: ذي قوة.
عنى بالمرّة: صحة الجسم وسلامته من الآفات والعاهات.
والجسم إذا كان كذلك من الإنسان كان قويا وإنما قلنا إن ذلك كذلك، لأن المرة واحدة المرر، وإنما أُريد به: ذو مرة سوية وقيل ذي جمال ظاهر وباطن.

﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} أي: أفق السماء الذي هو أعلى من الأرض، فهو من الأرواح العلوية، التي لا تنالها الشياطين ولا يتمكنون من الوصول إليها.

ثُمَّ دَنَا جبريل من النبي صلى الله عليه وسلم، لإيصال الوحي إليه. {فَتَدَلَّى} عليه من الأفق الأعلى.
فَكَانَ في قربه منه {قَابَ قَوْسَيْنِ} أي: قدر قوسين، والقوس معروف. {أَوْ أَدْنَى} أي: أقرب من القوسين، وهذا يدل على كمال المباشرة للرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، وأنه لا واسطة بينه وبين جبريل عليه السلام.

في قوله ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ قال: أوحى جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أوحى الله إليه، لأن افتتاح الكلام جرى في أوّل السورة بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن جبريل عليه السلام.

واختلف أهل التأويل في الذي رآه فؤاده فلم يكذبه، فقال بعضهم: الذي رآه فؤاده رب العالمين، وقالوا: جعل بصره في فؤاده، فرآه بفؤاده ولم يره بعينه؛ فلا تجادلونه فيما رأى.

هذه الآيات الكريمات، التي تدل على صدق رسول الله فيما رواه عن المعراج وفي كل ما يوحى إليه.

ولنا في الغد بقية.. بإذن الله.

بقلم/ د. فاطمة عاشور

مقالات ذات صلة

‫50 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى