إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الإعلام المحلي مُتابِع أو مُدافِع

عندما يضع الإعلامي النزيه يده مع الموظف الإداري النزيه، مهما كانت وظيفته الإدارية أو منصبه -فالشرط هنا هو توفر النزاهة- ستتضح الصورة وتسقط قلاع الفساد والأسوار التي تحمي المفسدين.

ما يحدث من تجاوزات وتلاعب بالقوانين، وتزوير للحقائق أو لعب تحت الطاولة، مردُّه إلى أمرين حسب اعتقادي: إما أنَّ المعلومة لا تصل إلى وسائل الإعلام بصورتها الصحيحة،فيجد الإعلامي نفسه مدافعًا عن الظالم لا المظلوم (صاحب الحق) ( السكن، الوظيفة، …إلخ) دون قصد منه.

وإما أن يتواطأ الإعلام مع الإدارة والموظف الإداري، وهنا يكون المشكل أكبر، لأن الشعب يعتبر الإعلام (الإعلامي) أو الصحفي التابع لأي صحيفة خاصة أو عمومية، عينه الثالثة، التي يمكنها اختراق ما لا يخترقه المواطن العادي.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا لو كانت هذه العين فاسدة؟ فمن سيكشف المفسدين؟

إن الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام (الإعلامي) أو الصحفي، لا يجب أن يختلف عن الدور الذي يلعبه الجندي المرابط في التخوم (الحدود) يحمي البلاد والعباد من الشرور القادمة التي تستهدف أمننا واستقرارنا، وكما يوجد خطر خارجي، يوجد أيضا خطر داخلي يتسبب فيه أبناء الوطن الذين غرتهم مناصبهم، أو باعوا مبادئهم لفلان وعلان، والمسؤول عن الدفاع وحماية المواطن هو الإعلام النزيه، الذي وكما قلت، دوره يشبه دور الجندي الذي لا تغمض عينه حتى يكشف الحقائق، ويعيد المظالم إلى أهلها.

الإعلام الحقيقي لا تتوقف مهمته في نقل الخبر وفقط، بل يجب متابعة الخبر ومعرفة أسبابه والتحقيق في القضايا التي تهم المواطن، والتي شغلت باله سنوات طويلة، فمن العار أن يصمت الإعلام على قضايا مهمة ومؤرِّقة؛ أين يمكن اعتباره في هذه الحالة، استبدل دوره من متابع لما يصدر عن الجهات الوصية (بلدية، ولاية) وكشْف كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالمواطن، إلى مدافع ومتستِّر عن هذه التجاوزات. وهنا لم يعد الإعلام إعلامًا نزيهًا، بل أصبح إعلامًا فاسدًا داعمًا للفساد.

منذ القديم نعلم أن النظريات التي جاءت بالإعلام ووسائله، تؤكد على أنه جاء ليعبر عن آراء الشعب، ينقل معاناتهم لا يستثمر فيها، كما أنه من الجيد الحفاظ على مسافة أمان بين الإعلامي والمسؤول؛ فكلما توطدت العلاقة بينهما كان الضحية هو المواطن، وهنا نُكبِّر أربع تكبيرات على حقوقه ومطالبه، لأن الإعلام الذي سيتحقق من تجاوزات الإدارة ويكشف أخطاءها ويفضح تقصيرها، أصبح صديقًا للإدارة؛ وهل يكشف الصديق صديقه؟.

الكاتب الجزائري/ طارق ثابت

مقالات ذات صلة

‫85 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى