إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

بَيَّضَ اللهُ وجهك

محمد محسن الغامدي

لطالما كان والدي رحمه الله يسند إليّ أعمالًا مزلية وتجارية منذ أن كنت فتىً يافعًا، وكان من عادته -رحمه الله- أن يشكرني على كل إنجاز؛ فيقول: “بيّضَ الله وجهك”، هذه هي عبارة الشكر الوحيدة التي لا يحيد عنها، كنت أتمنى أن يقول لي مرة واحدة (شكرًا يا بني) ولكن لم أكن لأجرؤ أن أطلب منه أمرًا كهذا؛ فيستشيط غضبًا.

لا أستطيع مواجهته.. المشكلة أن صديق طفولتي الذي يرافقني كظلي والذي أُكِنُّ له كل محبة وصداقة، من ذوي البشرة السوداء، وقد يشاركني إنجاز أعمال يكلفني بها الوالد، ثم نقف نحن الاثنان أمامه، فيقول: “بيض الله وجوهكم”، بعدها أنظر لصديقي وهو يبتسم ابتسامة ساخرة، ويهمس لي: “كل يوم يدعو والدك لي ببياض الوجه الذي لا أريده فأنا سعيد بلون بشرتي”؛ هنا أحاول أن أشرح له أنها كلمة شكر فقط لا تعني الانتقاص أو أي شيء آخر؛ ألم تسمعه يقولها لي كل يوم مع أن بشرتي بيضاء.

بعد أن عجز والدي وهدته السنين والأمراض زارني صديق عمري أحمد وقد أصبح طبيبًا مشهورًا فبدأ بالكشف على والدي الذي بالكاد قال له بعد أن وصف له الدواء المناسب “بيض الله وجهك يا أحمد”، هنا التفت إليّ صديقي ضاحكًا وقال: (بَرِصنا)1.

================

البَرَصُ: داءٌ معروف، هو بياض يقع في البدن، والأُنثى بَرْصاءُ

بقلم الأديب/ أ. محمد محسن الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88