مكتبة هتون

مراجعة حول رواية العمى

مراجعة حول رواية العمى

“العمى” رواية للأديب البرتغالي جوزيه ساراماغو.

يقع الكتاب في 380 صفحةً، ويبدأ كعادة ساراماغو بالحدثِ الرّئيس مباشرةً، فعلى إشارة المرور يُصابُ سائقُ سيّارةٍ بالعمى، يصرخُ، ويستغيثُ، يتجمّعُ النّاسُ، ويتطوّعُ أحدُهم لإيصاله إلى منزله بسيّارته نفسها، لكنّه يسرقُ السّيّارةَ بعد إيصاله.

يؤخَذُ المصابُ بالعمى إلى الطّبيب، فيفحصُه لكنَّ الفحصَ يُثبتُ عدمَ وجودِ مرضٍ، وأنّ العينين سليمتان.

وفي خلال ساعات يصاب من سرق السيارة بالعمى، وكذلك يصاب الطبيب بالعمى أيضاً، وكذلك المرضى الجالسين في غرفة الانتظار، ويكون المعى نتيجة انتشار وباء سُمي بالعمى الأبيض بين النّاس من دون معرفة سّبب هذا البوباء.

هذا العمى كان مختلفاً عن المعمى الذي نعرفُه، فالمصاب بهذا العمى يرى كلَّ شيءٍ أبيضَ، وكأن المصاب غارق في بحر من الحليب الصافي.

تبدأ المرحلةُ الثّانيةُ من الرّواية داخلَ المحجر الصّحّيّ الذي وضعَ المصابون داخله ليعيشوا ويتدبّروا أمورَهم، فالدّولةُ لن تتدخّل في أيّ شيءٍ يحدثُ هناك (خشية العدوى) إلّا في أمرين هما: إرسالُ الطّعام والشّراب للعميان، وقتلُ مَن يحاولُ الخروجَ منه.

فالكاتبُ هنا تحدّثَ عن غيابِ السُّلطة، وأثرِ هذا الغيابِ، ففي المحجر غابَتْ السُّلطة الدّاخليّة بين العميان، وغابَت سُلطة الدَّولة، فالإنسانُ دون سُلطة يعيشُ حياةً بهيميّةً، ويعودُ لقانونِ الغابِ، أي البقاءُ للأقوى.

كلُّ مَن في المحجر عميانٌ سوى زوجةِ الطّبيب التي تظاهرَت بالعمى لتبقى مع زوجها، ولأنّها كانت تتوقّع إصابتها به في أيّ لحظة.

وتكون المرحلة الأخيرة من الرواية بعد الخروج من المحجر، وهذا الخروج لا يكون بسبب الشفاء من الوباء بل بسببٍ شئ آخر فما هو يا ترى، وكيف تكون حياة الأعمى في عالم مفتوح؟.

وأشد الشخصيات ألماً هى زوجة الطبيب المبصرة، بسبب كونها هى الوحيدة التي رأت انهيار الأخلاق، ورأت أشد أنواع القذارة والخيانة وأنتشار الجثث واغتصاب النساء.

 رمزية الرواية

مصطلح العمى الأبيض، يرمز إلى وعدم وجود خلل في عين المصاب بهذا الوباء وهو يشير إلى عمى الفكر والوعي الذاتي.

وناقشَ أخلاقيّاً في فقراتٍ من الرّواية أحداثاً جرَتْ في الرّوايةِ كمسألةِ سرقةِ سيّارةِ الأعمى الأوّل، ومسألةِ مساعدةِ زوجةِ الطّبيبِ للعميان وغيرها.

كما أنّه لم يكشفْ سببَ الوباءِ، ولا سببَ ذهابِه، ولا سببَ عدمِ إصابةِ زوجةِ الطّبيب.

براعةُ الكاتب في السّرد والوصفِ عظيمةٌ، وقد جعلَتْني أعيشُ الحالةَ، إذ أنهيتُ فِقرةً من الكتابِ داخل الميترو، ولمّا وقفتُ للنّزولِ ظننْتُ نفسيَ المبصرَ الوحيدَ في الميترو، وأنّ النّاسَ لا يرونَني.

اقرأ المزيد من الموضوعات على صحيفة هتون الدولية من هنا.

مراجعة حول رواية العمى
مراجعة حول رواية العمى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى