قلعة روملي حصار .. شموخ العمارة الدفاعية في الحضارة الإسلامية
تطل على مضيق البوسفور بمدينة إسطنبول واحدة من أروع القلاع الحربية والدفاعية بأسوارها وأبراجها العالية، وهي قلعة السلطان محمد الفاتح الأسطورية التي تعرف باسم (قلعة روملي حصار)، وتعد من أهم معالم المدينة التاريخية التي مازالت تقف شامخة حتى اليوم، رغم مرور ما يقرب من ستة قرون على إنشائها.
بُنيت القلعة في الجهة المقابلة لحصن الأناضول (أول حصن في تاريخ القسطنطينية) الواقع في الطرف الآسيوي من إسطنبول، الذي بُني قبل 60 عامًا من بناء قلعة «روملي حصار» للغرض نفسه؛ وهو منع السفن البيزنطيَّة التي تجلب المساعدات والذخائر من العبور من البحر الأسود إلى البيزنطيين المتواجدين في القسطنطينية والوصول إليهم.
والهدف الأسمى الذي حلم به العثمانيون بل المسلمون الأوائل منذ وقت الصحابة وهو «فتح القسطنطينية»، فلذلك كانت القلعتان نقطتين عسكريَّتين مهمَّتين في تحقيق ذلك الهدف.
فكان بناء قلعة “روملي” هامًّا بالنسبة إلى السلطان محمد الفاتح لتسهيل عمليَّة حصار القسطنطينية وفتحها، وقد حاول البيزنطيين بشتى الطرق أن يوقفوا عملية البناء فحاولوا مثلًا أن يمنعوا عملية شراء السلطان للأرض التي بنيت عليها القلعة بتحريض صاحبها على عدم البيع، ولكن السلطان الفاتح أستطاع بحنكة وذكاء أن يتعامل مع الرومي صاحب الأرض إلى أن عدل عن رأيه، وكذلك واجه البيزنطيين بالحكمة والسياسة إلى جانب الترهيب والتوعد في ذات الوقت.. فبالفعل كان ما أراد وبنيت القلعة وأصبحت كالشوكة في حلق البيزنطيين وغصة في جوف القسطنطينية، وشاء الله أن تفتح القسطنطينية بعد بنائها بعامٍ واحد، فتم الفتح في [29 مايو 1453م].
ظلت هذه القلعة الشامخة تقوم بدورها الدفاعي والتحصيني كمعقل من المعاقل الحربية، إلى أن تغير دورها في المائتي سنة الأخيرة، لتستخدم كسجن للسجناء الانكشارية والعسكريين وغير العثمانيين وأسرى الحرب من مناطق الإمبراطورية العثمانية المختلفة.
ثم تعرضت القلعة إلى حريق عام 1904م، وأعيد ترميمها وإصلاح ما تهدم منها، وفتحت في عهد قريب كمعلم سياحي مهم يستقطب الكثير من السياح الذين تستهويهم عظمة العمارة الإسلامية وضخامتها وشموخها. وأصبحت منذ ذلك الحين تابعة لوزارة السياحة التركية.
القلعة وخطر الانهيار