سفر وسياحة

مدينة “جُرش” وأثارها الحضارية الموجودة بها عبر التاريخ.

وتقع مدينة جُرش الأثرية بين موقع جبل حمومة الأثري وجبل شكر بمحافظة أحد رفيدة (15 كيلومترًا جنوب منطقة عسير)، ويحتوي الموقع على بقايا مبان ضخمة بعضها من الحجارة وأخرى من الطين، كما تضم معثورات يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام والفترات الإسلامية المتعاقبة وصولاً إلى القرن الحادي عشر الميلادي حيث ظهرت دلائل على الاستيطان خلال الفترة العباسية في شمال ووسط الموقع .

أما في جنوب الموقع فهناك دلائل على الاستيطان خلال الفترة الإسلامية الوسيطة والمتأخرة ، وتقع جرش على طريق الحج القادم من اليمن ، وقد اشتهرت بصناعاتها الجلدية والحربية ومن ضمنها المنجنيق والعرادات وما كان يعرف باسم الدبابات، كما كانت جرش معروفة في فترة البعثة النبوية كونها مركزاً تجارياً مهماً، وقد أسلم أهل جرش في عهد النبي محمد صل الله عليه وسلم.

سبب تسميتها بهذا الإسم :

تعددت أسباب تسمية جرش بهذا الاسم، فقيل أن أسعد أبا كرب  خرج غازياً من اليمن غزوته الأولى وعندما وصل إلى موقع جرش بأرض السراة رأى موضعاً به عدد قليل من السكان وكثير الخيرات، فترك به بعضاً من أتباعه، فقالوا بما نعيش فقال: “اجترشوا من هذه الأرض وأثيروها واعمروها ” فسميت جرش ، وقد أورد ياقوت الحموي  هذه القصة إلا أنه لم يتفق قوله مع هذه الرواية، وإنما يرى بأن بعض من قومه تحيروا وضعفوا عن اللحاق بالجيش، فقال لهم «اجرشوا هاهنا»، أي البثوا، فسميت جرش بذلك.

يذكر البكري أنها سميت بجرش بن أسلم كونه أول من سكنها، ويتفق ياقوت الحموي مع البكري نقلاً عن أبي المنذر هشام ،  فيذكر أن جرش بن أسلم هو منبه بن أسلم بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وآل بن الغوث بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ، وهو أول من سكن جرش فسميت باسمه، وهناك بعض من علماء النسب من يضع هذا القول كأبن حزم الأندلسي والوزير المغربي اللذين يؤكدان بأن جرش أحد أبناء أسلم بن زيد الحميري.

ويذكر ياقوت الحموي رأياً آخر نقلاً عن أبي المنذر هشام قوله: “جرش قبائل من أفناء الناس تجرشوا وكان الذي جرشهم رجل من حمير يقال له زيد بن أسلم خرج بثور له عليه حمل شعير في يوم شديد الحر فشرد الثور فطلبه فاشتد تعبه فحلف لئن ظفر ليذبحنه ثم يجرش الشعير وليدعون على لحمه فأدركه بذات القصص عند قلعة جرش وكل من أجابه وأكل معه يومئذ كان جرشياً ”

ولم يذهب ياقوت بعيداً عن الرأي الذي قاله البكري نقلاً عن كتب النسب المبكرة ولكن لم يرد في الرواية ذكر جرش وإنما ورد باسم زيد بن أسلم بينما ورد في الراوية السابقة باسم منبه بن أسلم، ومن المحتمل أن زيداً وأسلم هما اسم لشخص واحد، ثم بعد تمكنه من القبض على ثوره ووعدهم بجرش الشعير على لحم الثور صار يطلق عليه اسم جرش، ثم نسبت البلاد التي حصل بها جرش الشعير وأكل لحم الثور إلى اسم جرش.

الأثار التي يحتوي عليها ويضمها موقع جرش :

يضم موقع جرش الأثري، حصن جرش، ومسجد المتعاقبين، كما يحتوي الموقع على معثورات أثرية متنوعة، حيث هناك الأواني الزجاجية والمصنوعات الحجرية، ومعثورات دقيقة، وأواني فخارية من فترة ما قبل الإسلام، إضافة إلى ذلك يوجد نقش على صخرة لأسد وثور مكتوب أسفل منهما بخط المسند ، وقد نفذ هذا الرسم بأسلوب الحفر البارز، ويعتقد بأنه يرمز إلى النماء والقوة التي كانت تتمتع بها مدينة جرش في ذلك الوقت.

مخلاف جرش وما جاء في كتاب الهمداني صفة جزيرة العرب للهمداني تحت عنوان (جرش وأحوازها) قوله:

“جرش هي كورة نجد العليا، وهي من ديار عنز بن وائل، ويسكنها ويترأس فيها العواسج من أشراف حمير، وهم ولد يريم ذي مقار القيل، ولهم سؤدد، وإجابة اليمانية في أرض نجد إليهـم.. وجـرش في قاع، ولها أشراف غربية بعيدة منها، تنحدر مياهها في مسيل يمر في شرقيها، بينها وبين حمومة ناصية تسمى الأكمة السوداء، ويلتقي بهذا المسيل أودية ديار عنز حتى تصب في بيشة بعطان، فجرش رأس وادي بيشة، وتندحة من أودية جرش وفيها أعناب وآبار، وكتنة أول حد الحجاز وعرضها وعرض جرش واحد لأنها منها على خط الطول من المشرق إلى المغرب على مسافة أقل من يوم”.
ويعد موقع جرش الأثري (جنوب السعودية)، من المواقع التي حظيت باهتمام علماء الآثار في البلاد، نظرًا لما أظهرته البحوث والاكتشافات الأثرية الأخيرة من معثورات أثرية لحضارات قديمة، وهو يمثل مرحلة ما قبل الميلاد، واستمر الاستيطان فيه إلى الفترة الإسلامية، حيث يتزامن مع موقع الأخدود بنجران، وهو موقع تجاري وصناعي واقتصادي قدم خدمة كبيرة لتجارة العبور التي كانت تمر بالشرق عبر طريق التجارة القديم.

وبحسب الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية، أظهرت الكشوفات الأثرية دلائل لاستيطان بشري في شمال ووسط الموقع خلال بداية العصر الإسلامي والفترة العباسية، حيث إن للموقع دلالاته الحضارية، حيث يرمز إلى النماء والقوة، وهو يمثل رمز مدينة جرش في تلك الفترة، ومن حيث دلالاته اللغوية، فلم تظهر لفظة أسد في أي من النقوش، ولكن ورد لأول مرة في نقوش المسند في هذا النقش، حيث يرد في غيره من النقوش باسم «لبؤ»، وحيث كان لمدينة جُرش الدور الحضاري الكبير في خدمة التجارة لوقوعها على الطرق التجارية الرئيسية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها، واشتهرت جرش بحرفة صناعة الأدم (دباغة الجلود).

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88