قصة جحا والحماروابنه
قصة جحا والحماروابنه -جحا هو شخصية خيالية من التراث الشعبي في كثير من الثقافات القديمة، ونسبت إلى شخصيات عديدة عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة.وفي الأدب العربي، نسب جحا إلى أبو الغصن دُجين الفزاري الذي عاصر الدولة الأموية. وهو أقدم شخصيات جحا وإليه تنسب النكات العربية. وفي الأدب التركي، نسبت قصص جحا من إسطنبول إلى الشيخ نصر الدين خوجه الرومي الذي عاش في قونية معاصرا الحكم المغولي لبلاد الأناضول ومعظم القصص المعروفة في الأدب العالمي تنسب له. هي شخصية رجل فقير كان يعيش أحداث عصره بطريقة مختلفة ويتماشى مع تلك الأحداث الشبه حقيقية؛ فهو كان يتصرف بذكاء كوميدي ساخر فانتشرت قصصه ومواقفه التي كان يتعامل معها في حياته اليومية، وكانت تنتقل قصصه من شخص إلى آخر مما نتج عنه تأليف الكثير من الأحداث الخيالية حوله، فكل شخص كان يروي قصصه بطريقته الخاصة ومنهم حتى من نسب أعماله لنفسه أو لشخص آخر أو لشخص خيالي.
كان ياما كان، في قديم الزمان، وسالِف العصر والأوان، كان هناك رجل اسمُه جُحا، كان رجلًا خفيف الظلّ، يقع في مواقف طريفة بعض الشّيء، مشهورٌ بحماره الذي كان يجرّه معه من مكان إلى آخر، ومن القصص الطريفة التي حدثت معه كانت قصته المشهورة باسم قصة جحا والحمار وابنه، وسترويها هذه السّطور القادمة.
كان جحا ذات يوم يسيرُ مع ابنه يريدان أن يسافرا إلى بلاد بعيدة، وكانت وسيلة التنقّل في ذلك الوقت الحمار أو الحصان، فالغنيّ يشتري حصانًا، وقليل المال يشتري حمارًا، وجحا لم يكن من الأغنياء، فقرّر أن يشتري حمارًا يساعده هو وابنه في سفرهما، فاشترى جحا حمارًا وركب عليه هو وابنه، وبعد مسير قليل دخلا قرية، فقال أهلها: يا لهما من عديمَي رحمة، يركبان على الحمار معًا من دون رأفة بحال هذا الحمار المسكين! وعندما سمع جحا هذا الكلام قرّر أن يركبا الحمار هو وابنه بالتّناوب، فكان دور جحا أوّلًا، فركب ونزل ابنه يقود الحمار، فدخلا قرية أخرى، وعندما شاهدوا جحا يركب الحمار وابنه يسير على قدميه قالوا: ياله من أب ظالم، يركب هو ويترك ابنه يُنهكه التّعب! فنزل جحا وترك ابنه يركب، وبعد مسير قليل دخلا قرية ثالثة، وعندما شاهد أهلها الابن يركب على
الحمار، والأب يسير على قدميه قالوا: ياله من ابن عاقّ، يركب هو ويترك أباه يسير على قدميه!
اقتنع جحا بذلك الكلام ، وعلى الفور ، امتطى الحمار خلف ابنه ، واستكملا المسير ، بعد قليل ، توسط قرص الشمس ، بحرارته الشديدة ، منتصف السماء ، مما ترتب على ذلك ، سخونة في الجو ، فقام جحا بإبطاء حركة الحمار ، بسبب ذلك الجو شديد الحرارة ، فضلًا عن ثقل حمله ، حيث كان يحمله ، وابنه معًا .
ولما أصبح جحا وابنه ، على مشارف سوق المدينة ، كان هناك جمع من الناس ، كانوا يجلسون ، فهم أحدهم ، وقال : لجحا وابنه : ” ألا تستحيان أيها الرجلان من أنفسكما ؟ أتركبان على ظهر الحمار أنتما الاثنان معًا ؟ ألا تلاحظان أن الحمار قد بطأ سيره ، وأصبح لا يقدر على التحمل ؟ ” .
شعر جحا بالخجل ، والحياء ، فنزل هو وابنه ، من على الحمار ، وأكملا طريقهما ، سيرًا على الأقدام ، ولما توغلا في السوق ، تعجب الجميع من الموجودين في السوق ، من حال جحا وابنه ، واستنكرا أن يسير جحا وابنه على أقدامهما ، في مثل ذلك الجو ، شديد الحرارة ، ويتركان الحمار هكذا ، يسير من دون حمل .
فقال واحد منهم ، يسخر من شأنهم ، وحالهم : ” لا ينقصكما أيها الرجلان ، إلا أن تقوما بحمل الحمار على ظهريكما ، هنا شعر جحا بالضيق ، والانزعاج الشديد ، من جميع الناس ، وقال جملةً شهيرةً ، عرفت عنه : ” إن إرضاء جميع الناس ، فعلًا غاية لا يمكن أن تدرك ”
كل الشعوب وكل الأمم صمّمت له (جحا) خاصاً بها بما يتلاءم مع طبيعة تلك الأمة وظروف الحياة الاجتماعية فيها. ومع أن الأسماء تختلف وشكل الحكايات ربما يختلف أيضاً، ولكن شخصية (جحا) الذكي البارع الذي يدعي الحماقة وحماره لم تتغيّر وهكذا تجد شخصية نصر الدين خوجه في تركيا، وملا نصر الدين في إيران . ومن الشخصيات التي شابهت جحا بالشخصية إلا أنها لم تكن به فنذكر غابروفو بلغاريا المحبوب، وأرتين أرمينيا صاحب اللسان السليط، وآرو يوغسلافيا المغفل، وجوخا في إيطاليا ومالطا