“الُعلا” شمُوخ وتراث بين الماضي والحاضر.
العلا هي إحدى مدن المملكة العربية السعودية، تقع غرب الجزيرة العربية، وتتبع إدارياً لمنطقة منطقة المدينة المنورة، وتبعد عنها تقريباً 300 كيلو متر شمالاً ، حيث لا زالت تضم العديد من الأثار التي بقيت وتحكي قصص وأسرار من سكنو بها قديماً وتحكي عظمة من نزل بها فقد ذكرها ياقوت الحموي في معجمه، بضم أوله، والقصر، وهو جمع العليا، وهو اسم لموضع من ناحية وادي القرى بينها وبين الشام، نزل بها النبي محمد صل الله عليه وسلم في طريقه إلى غزوة تبوك، وحدد بها مكاناً لمسجد وضع حدوده بالعظام فبناه أهلها بعد ذلك وأسموه مسجد العظام، وكانت قديما تُسمى ديدان ويروى أن سبب تسميتها بالعلا أنه كان بها عينان مشهورتان بالماء العذب هما المعلق وتدعل، وكان على منبع المعلق نخلات شاهقات العلو يطلق عليها العلي.
وتقع مدينة العلا بين جبلين كبيرين على واد خصب التربة تزرع فيه النخيل والحمضيات والفواكه كما تتوفر المياه الجوفية علي مسافات قريبة رغم الشح الكبير في الأمطار وهي من ضمن المواقع الأثرية المسجلة بمنظمة اليونسكو و مناخها قاري حار صيفاً وبارد شتاءًا يتبعها قرابة 300 قرية.
موقع مدينة العلا الأثرية :
تقع مدينة العلا بين مرتفعات جبلية تحدها من الشرق والغرب حيث يمتد منها جهة الجنوب. وترتبط العلا بالمدن المحيطة بها بطرق زراعية فتبعد عن المدينة المنورة تقريباً 300 كم، وعن الوجه200 كم، وعن تبوك 250 كم، وعن حائل قرابة 400 كم، وخيبر 200 كم، والجهراء 90 كم ، وتقع إلى الشمال مباشرةً من مدينة العلا آثار الحجر، المعروفة أيضاً بمدائن صالح، وهي آثار ترجع إلى حضارة الأنباط قوم نبي الله صالح، أشهرها البيوت التي كانوا يحفرونها في الصخور، ويعتقد الكثير من المسلمين أنها موقع قصة هلاك ثمود التي وردت في القرآن.
ومنطقة الحجر تقع علي مساحة ممتدة من الآثار المفتوحة بشكل طبيعي وقد سُجلت لدى منظمة اليونيسكو، ويوجد بالقرب منها محطة قديمة لسكة حديد الحجاز التي بنتها الدولة العثمانية ، وتشتهر العلا باسم عروس الجبال وعاصمة التاريخ والآثار لمناظرها الجبلية وارتفاعها عن سطح البحر بأكثر من 700 متر ولقدم تاريخها وكثرة مواقها الأثرية ، وقد اكتشف باحثون فيها على بقايا معابد وتماثيل تعود إلى عصر اللحيانيين عام 900 قبل الميلاد فقد تعاقبت عليها الحضارات لخصوبة الأرض ووفرت المياه.
الأثار الإسلامية في مدينة العُلا :
للعلا آثار إسلامية قديمة تبدأ من السنة السابعة للهجرة حيث مر بها لرسول وصلى بها وأقام موسى بن نصير قلعته في أعلى جبل وسط العلا، وكذلك أثار سكة حديد حجاج الشام ومن تلك الآثار الإسلامية :
- محطة سكة حديد الحجاز: وهي عدة محطات على خط سكة حديد الحجاز التي تربطها ببلاد الشام مروراً بمدينة تبوك ويذكر أنه بدأ العمل بسكة الحديد تلك في تشرين الأول لعام 1899م.
- قلعة الحجر الإسلامية: ورد ذكرها في رواية المقدسي وهي عثمانية بناها العثمانيون عام1375 هـ 985 م كاستراحة لحجاج بيت الله الحرام.
- قلعة موسى بن نصير: أنشأة القائد المسلم موسى بن نصير على جبل شاهق وسط مدينة العلا.
- البلدة القديمة : تمثل البلدة الإسلامية التي تقع وسط محافظة العلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ويقطنها ما يقارب 60 ألف من السكان، وتعود لبدايات العصر الإسلامي وإحدى ثلاث مدن إسلامية في العالم أجمع مازالت باقية، المدينة الإسلامية بمساجدها ومنازلها وأسواقها وأسوارها وقد تعاقب أهالي العلا على بناء هذه البلدة والسكن فيها جيلاً بعد جيل حتى هجرت تماماً من السكان قبل أربعين عاماً تقريباً.
- الساعة الشمسية ( الطنطورة ): تقع الساعة الشمسية جنوب البلدة الإسلامية وهي عبارة عن بناء هرمي الشكل وتستخدم لمعرفة دخول الفصول الأربعة وخاصة دخول فصل الشتاء، وذلك عن طريق حجر مغروس في الأرض أمام البناء الهرمي، حيث يصل ظل الساعة الشمسية إلى هذا الحجر في اليوم الأول لدخول فصل الشتاء في 21 من ديسمبر وهو اليوم الأول لدخول فصل الشتاء، ولا يمكن أن يصل ظل الساعة الشمسية إلى هذا الحجر مرة أخرى إلا في العام القادم وفي نفس التاريخ، ولا تزال تستخدم حتى اليوم حيث يستمتع الكثير من الزوار والسياح بمشاهدة هذا الحدث الذي لا يتكرر إلا مرة كل عام.
الزراعة في مدينة العلا ، وكيف تطورت بين الماضي والحاضر :
في مدينة العلا اعتمد أهلها وبشكل كبير ورئيسي على الزراعة وذلك لعدة أسباب أهمها خصوبة أرضها ووفرة مياهها وقد كانت تجري في العلا عدة عيون بلغت أكثر من أربعين عيناً ومن أهم تلك العيون : شــلال ، العادلية ، فتح الخير ، الزهرة ، سهلة ، العلوية ، السعة ، العطية ، الجادة ، الشرقة ، أم الليف ، تدعل ، كريمة ، السبسبي ، صلاح ، العوجاء ، الجديدة ، المالحة ، الخميسية ، البحرية ، الهبوب ، الرزيقية ، البركة ، الحمدية ، المحموية ، المنصورة ، اليسيرة ، المنشية ، المدنية ، الحزم.
وقد كانت توزع مياه العيون وفق نظام للري بحيث كانت توزع على أهل المنطقة من قبل مجلس خصص لذلك، وتسمى كل حصة بـ الوجبة فهناك الوجبة وهي أربع وعشرون ساعة، ونصف الوجبة وهي إثنى عشر ساعة، وربع الوجبة هي ست ساعات، ويكون نصيب كل شخص حسبما يملكه من مساحة زراعية ويستعينون بتوزيع الوجب أو الحصص بالساعة الشمسية أو الطنطورة كما كانت تسمى قديماً حل محل ذلك كله الآبار الإرتوازية وطرق الري ووسائله الحديثة. وقد عرف أهل العلا زراعة الخضروات والحبوب بأنواعها والفواكه كما اشتهرت بزراعة الحمضيات والنخيل.
أهم أنواع التمور : الحلوة ، البرنية ، برنية بنات سعد ، بنجانة ، جسبة ، جاسب ، جسبى جمعة ، جسبة المجر ، جسبة العيسى ، حمر جبل ، عنبرة ، مرود أبو خميس ، مرود أبو لويفي ، قرن أبو حواء ، قعيس ، المبرومة وغير ذلك.
ويزرع من الحمضيات والفواكه البرتقال ، الليمون الحلو ، الليمون الحامض ، البنزهير ، اليوسفي ، الرمان ، العنب ، المانجو.
ويزرع من الحبوب القمح ، الشعير ، الذرة ، الدخن.
حيث يعمل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على المزيد من التطويرات في المملكة وجعلها وجهة سياحية أيضا ، وفي هذا الإطار سيصبح بإمكان السياح مستقبلا زيارة المنطقة الأثرية في واحة العلا القديمة شمال غرب البلاد.