سفر وسياحة

” الأهرامات المصرية ” تاريخ من الثبات والشمُوخ.

أهرام الجيزة حضارة لازالت باقية وشاهدة على ما تمتع به المصريون القدماء والفراعنة من فن في الهندسة والبناء، فهي لازالت صامدة إلا يومنا هذا رغم تقلب الظروف وتحكي عن قصص الفراعنة الذين شيدوها ولماذا تم بناءها، وهناك الكثير من التساؤلات التي تطرحها هذه الأهرامات الضخمة.

أين تقع :

تقع أهرام الجيزة على هضبة الجيزة في محافظة الجيزة على الضفة الغربية لنهر النيل بُنيت قبل حوالي 25 قرنًا قبل الميلاد، ما بين 2480 و2550 ق م وهي تشمل ثلاثة أهرام هي خوفو، خفرع ومنقرع.

لماذا بُنيت الأهرامات :

والأهرام هي مقابر ملكية كل منها يحمل اسم الملك الذي بناه وتم دفنه فيه، والبناء الهرمي هنا هو مرحلة من مراحل تطور عمارة المقابر في مصر القديمة فقد بدأت بحفرة صغيرة تحولت إلى حجرة تحت الأرض ثم إلى عدة غرف تعلوها مصطبة وبعد ذلك تطورت لتأخذ شكل الهرم المدرج على يد المهندس أيمحوتب وزير الفرعون والملك زوسر في الأسرة الثالثة وتلا ذلك محاولتان للملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة لبناء شكل هرمي كامل ولكن ظَهْر الهرمين غير سليمي الشكل.

وهما يقعان في دهشور أحدهما مفلطح القاعدة والآخر اتخذ شكلاً أصغر يقارب نصف حجم الأوّل ، واستطاع المهندس هميونو مهندس الملك خوفو أن يُنجز الشكل الهرميّ المثالى وقام بتشييد هرم خوفو بالجيزة على مساحة 13 فدانًا وتبع ذلك هرما خفرع ومنقرع.

 

أما عن فكرة الهرم تحديدًا فقد ارتبط الشكل الهرمي لديهم بفكرة نشأة الكون واعتقدوا كذلك طبقًا لبعض كتاباتهم ونصوصهم الدينية وبعض الخرافات بأن الهرم وسيله تساعد روح المتوفى في الوصول إلى السماء مع المعبود رع، و يمكن أن نرى أحيانًا أشعة الشمس بين السحاب وهي تاخذ الشكل الهرمى أيضًا وكانت كذلك من ضمن هذه الوسائل الكثيره التي يمكن أن تساعدهم في الصعود إلى السماء، نرى أيضًا الشكل الهرمي أعلى المسلات وبعض المقابر الصغيرة للأفراد في جنوب مصر.

حتى عندما فكر ملوك الدولة الحديثة في بناء مقابرهم في البر الغربي في وادي الملوك ونقرها في باطن الجبل لحمايتها من السرقة لم يتخلوا عن الشكل الهرمي والذي كان ممثل في قمة الجبل نفسه وبشكل طبيعي.

كم من الوقت إستمرالمصريون القدماء في بناء الأهرامات وتشييدها وماذا إستخدمو :

استغرق بناء الهرم الأكبر ما يقرب من عشرين عامًا وبناء الممرات والأجزاء السفليه من الهرم عشرة أعوام وذلك طبقًا لما ذكره هيرودوت المؤرخ اليوناني الذي زار مصر في القرن الرابع قبل الميلاد بعد أكثر من 2000 سنة من بناء الهرم وسمع هذه الروايات وغيرها من بعض الكهنة والرواة ، قطعت الحجارة التي استخدمت في بناء الهرم الأكبر من المنطقة المحيطة بالهرم وحجارة الكساء الخارجي من منطقه جبل طره والحجارة الجرانيتيه المستخدمة في الغرف الداخلية من محاجر أسوان وكانوا يأتوا بها عن طريق نهر النيل الذي كان يصل إلى منطقة الهرم في ذلك الوقت.

كانت الحجارة تقطع وتفصل عن بعضها عن طريق عمل فتحات على مسافات متقاربة في قطعة الحجارة المراد قطعها ثم يتم دق بعض الأوتاد الخشبية فيها والطرق عليها مع وضع الماء عليها، وكلما تشرب الخشب بالماء ازداد حجمه داخل قطعه الحجر ومع استمرار الطرق عليها تنفصل عن بعضها ثم يتم تهذيبها وصقلها باستخدام نوع حجر أقوى مثل الجرانيت أو الديوريت.

حيث استخدم المصريون القدماء طريق رملي لبناء الأهرامات حيث توضع قطع الحجارة على زحافات خشبية أسفلها جذوع النخل المستديرة تعمل كالعجلات ويتم سحب الزحافات بالحبال والثيران مع رش الماء على الرمال لتسهل عمليه السحب، وكلما زاد الارتفاع زادوا في الرمال حتى قمة الهرم ثم يتم كساء الهرم بالحجر الجيري الأملس من أعلى إلى أسفل وإزاله الرمال تدريجيًا.

الأهرامات الثلاثة وما تحتويه ولماذا شُيدت :

هرم خوفو ، خلَف “خوفو” أباه سنفرو، وأمه هي الملكة “حتب حرس الأولى”، وخوفو 2650 ق.م هو الاسم المختصر لـ “خنوم خو أف أوي” أي (خنوم هو الذي يحميني) ويذكر التاريخ لخوفو أنه مشيّد أعظم بناء على وجه الأرض، وهو هرم جيزة الأكبر، المعجزة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع القديمة. ولا ترجع عظمته إلى ضخامة بنائه فقط، بل أيضًا إلى تخطيطه الداخلي المحكم المثير للإعجاب.

وقد بُنيَت حوله جبانة فيها أهرامات صغيرة لزوجاته وأمه “حتب حرس”، إضافةً إلى مقابر على شكل مصاطب لأفراد العائلة الملكية وكبار الموظفين، الارتفاع الأصلي للهرم الأكبر 146 متر وحاليًا أصبح 137 متر تقريبًا وطول ضلع قاعدته 230 متر، أما عن أوزان قطع الحجارة، فتتراوح ما بين طن وثمانية أطنان أو أكثر و لكن هل نتصور أن هذا الملك صاحب هذا البناء العملاق لم نعثر له إلا على تمثال واحد صغير جدًا يصل حجمه إلى 7.5 سم تقريبًا ومن العصور المتأخرة، حيث أن الملك منع في هذا الوقت إقامة أو نحت أي تماثيل حيث لم نعثر على تماثيل كبيرة الحجم في هذه الفترة إلا تمثال واحد وكان مخبأ في مقبرة للأمير رع حتب وزوجته، وربما أراد الملك أن يبدأ بنفسه في منع إقامه التماثيل أطلَق الملك خوفو على هرمه اسم “آخت خوفو” أي أفق خوفو وذلك للتغيرات الدينية التي حدثت في عصره. فقد أوضح شتادلمان أن خوفو قد خرج عن العقيدة المصرية ونصَّب نفسه إلهاً.

لم يسلم هرم الملك “خوفو” من التدمير على مر العصور، فقد أشار “ديودور الصقلي” إلى أنّ قمة الهرم الأكبر منصّة يبلغ عرضها حوالي 3 أمتار وطولها مترين ،لكنّ أعلى الهرم ليس منصة وإنما هريم ربما كان مغطى بالذهب، وقد دُمِّر جزء من كسائه وفُقِد، وكان يحيط بهرم الملك خوفو سور لا تزال بقاياه قائمة حتى الآن في الجهتين الشرقية والشمالية، على مسافة 20 م من قاعدة الهرم

هرم خفرع، وهو أحد أهرامات الجيزة في مصر، بناه الملك خفرع رابع ملوك الأسرة الرابعة ابن الملك خوفو، تزوج من الأميرة مراس عنخ، حكم ست وعشرين سنة، بني الهرم الثاني من أهرام الجيزة، وهو أقل ارتفاعًا من هرم أبيه (خوفو) كان ارتفاعه 143مترًا والآن 136مترًا.

شيد فوق مساحة 215 مترًا مربعًا، وله مدخلان في الجهة الشمالية، وما زال يحتفظ بجزء من كسوته الخارجية عند القمة، عُثر ضمن مجموعته الهرمية على تماثيل من حجر الشست في معبد الوادي الخاص زمن بينها تمثال من أجمل ما أنتجه فن النحت المصري، وهو موجود بالمتحف المصري، وينسب له نحت صخرة تمثال أبي الهول.

يقع هرم خفرع جنوب غرب هرم أبيه خوفو، ويبلغ ارتفاعه 143,5 مترًا وطول كل ضلع 215,5 مترًا، وزاوية ميله 53,10ْ، ويقع في مستوى سطح الأرض، والمدخل يؤدي إلى ممر هابط، سقفه من الجرانيت وزاوية انحداره 22ْ، وينتهي عند متراس يفضي إلى ممر أفقي، ثم ممر منحدر يؤدي إلى حجيرة يطلق عليها خطأ حجرة الدفن وهي فارغة منحوتة في الصخر، ويؤدي الدهليز إلى متراس آخر يرتفع إلى أعلى بممر أفقي ينتهي بحجرة الدفن، وهذه الحجرة سقفها جمالوني مشيد بالحجر الجيري، وتكاد تكون منتصف الهرم، أطلق خفرع على هرمه اسم(العظيم).

هرم منقرع أو هرم الملك منقرع هو أحد أهرامات الجيزة في مصر. بناه الفرعون منقرع ابن الملك خفرع، طول كل ضلع من أضلاعه 108.5 متراً وارتفاعه 65.5 متراً ، والآن 62 متراً بعد سقوط كسوته.

حيث تبلغ زاوية ميله 51°20′25″ ، ومدخله جهة الشمال، يرتفع المدخل نحو 4 متر فوق سطح الأرض، ويؤدي لممر هابط طوله 31 متراً، وزاوية انحداره بسيطة نحو 17 درجة بني من الحجر الجيري، ولكن منقرع اختار أن يبنى الجزء الأسفل منه من الجرانيت الذي كانت تـجلب من أسوان عن طريق نهر النيل يصل ارتفاع التغطية بأحجار الجرانيت نحو 17 متر وباقي التغطية تمت بأحجار طره البيضاء حتى ارتفاع 5و65 متر.

في نهاية الممر المائل يوجد دهليز مُبطَّن بالحجر، يؤدي إلى ممر أفقي فيه 3 متاريس وبعدها حجرة الدفن عثر به على تابوت خشبي عليه اسم منقرع وبه مومياؤه، مومياء منقرع محفوظة الآن في بالمتحف البريطاني وقد أطلق (منقرع) على هرمه اسم (المقدّس)، وإلى الجنوب من هرم منقرع يوجد ثلاثة أهرمات خصصت للملكات تمتد باتجاه شرق غرب الهرم الأول خاص بالملكة خع مرر نبتي الثانية زوجة الملك منقرع.

ولا زالت الحكومة المصرية إلى الأن تعتني بها، حيث تعتبر الأهرامات مزارًا سياحيًا يقصده الناس من كل مكان للوقوف والتأمل فيما تحكيه هذه البناءات الضخمة وكيف تم تشييدها، وكيف صمدت عبر التاريخ رغم التغيرات، ويوجد في مصر العديد من الأثار التي تحكي عن أسرار مصر القديمة وأهلها.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى