عوامل تؤدي ليجتاج الخلل والتفك الأسرة
العلاقات الأسرية هي من أسمى وأقدس العلاقات على وجه البسيطة، تبدأ بذرتها بين فردين بالزواج، ثم بعد ذلك الإنجاب، وتتسع لتشمل الأقارب والأصهار من كلا الطرفين. إنها اشبه بالشجرة التي تمتد أغصانها وأوراقها ليستظل بظلها الجميع، وكلما كبرت تلك الشجرة وازدادت أوراقا وأغصانا كلما كانت حصنا آمنا لمن يأوي إليها.
غير أن ما نشهده من تقدم وتطور حضاري كان له اثره البالغ على الأسرة، فلم تعد متماسكةً كما كانت، بل أصبح تفكك الأسر أحد الظواهر التي لا نستطيع أن نتجاهلها، فأي خلل في بنية الأسرة لن يقع تبعاته السيئة على فرد واحد من تلك الأسرة، بل على كل الأطراف ذات العلاقة التي تقع تحت مظلة العلاقات الأسرية
معنى التفكك الاسرى
التفكك الأسري هو غياب أحد افراد العائلة الأب او الأم بالإنفصال او حتى الطلاق، كما ان التفكك الاسرى يمكن ان يحدث ايضًا رغم تواجد كل افراد العائلة في منزل واحد، الا انه لا تجمعهم أى علاقة للمودة والرحمة، ولكن لا يوجد شئ بينهم سوى الخلافات والنزاعات.
أنواع التفكك الأسري
في مجتمع اليوم ، يمكن أن يكون لمفهوم تفكك الأسرة مجموعة واسعة من الخصائص وتوجد نسخ مختلفة منه ، وها نحن اليوم نواجه بعض المواقف التي يمكن أن تحدث في سياق الأسرة
انشغال رب الأسرة عن أسرته حيث يقضى معظم وقته خارج المنزل. وله أشكال متعددة، من أهمها: رجل الأعمال المنشغل في عمله، حيث يقضي معظم وقته في متابعة أعماله التجارية في الليل والنهار، غارقا في لقاءاته واجتماعاته وسفراته وحفلاته العامة والخاصة، ولا يجد وقتًا لأسرته، فتبدأ زوجته بالتذمر والاستياء من غيابه، وتشعر بأن زوجها الذي كانت تحلم بمشاركته لها أحداث حياتها اليومية يتبخر يومًا بعد يوم، وخصوصًا إذا كانت الزوجة غير عاملة..وهنالك العديد من صور الزوج الحاضر الغائب عن أسرته فقد يكون الزوج حاضرا بجسده مع أسرته ولكن عقله وروحه في مكان آخر وهذا من أشد أشكال غياب الزوج عن أسرته وأكثرها فتكا على الزوجة والأولاد والذي قد يكون سببا في تصدع بنيان الأسرة وبالتالي انهيارها.
انشغال الأم عن أسرتها: ومما سبق ذكره عن غياب الزوج يمكن أن نجده عند الزوجة المنشغلة عن مسؤولياتها تجاه أسرتها بشواغل متعددة، كالأم المنشغلة بعملها عن أسرتها، ولا يجد الزوج من الزوجة العناية بشؤونه واحتياجاته، فهو لا يجد من يستقبله إن أتى من عمله سوى الخادمة التي تعد الطعام وتهيئ المكان، في حين ان الزوجة ترجع إلى البيت في نفس ميعاده، أو بعد وقت عودته، متعبة ومجهدة تريد الراحة من تعب يومها الطويل، ولا تملك الوقت للسؤال عن زوجها وأولادها وما يحتاجونه، فتنشأ الخلافات ويبدأ التصدع داخل هذه الأسر.
صراع الأدوار: حيث كل من الزوج والزوجة يتنافسون فيما بينهم لأخذ كل منهما مكان الآخر، وهذا يكون واضحا من الزوجة وخصوصًا لدى المرأة العاملة، حيث تسعى الزوجة إلى أن تكون هي القبطان الذي يقود السفينة، وهذا مخالف لفطرة البشر التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أمولهم) (النساء:34). وينتج عن هذا نزاعات مستمرة وتتكرر دائما على كل صغيرة وكبيرة في أمور حياة الزوج والزوجة، مما يسهل الطريق للتفكك الأسري.
ثورة الاتصالات الحديثة فالتلفاز مثلا يأخذ كثيرا من وقت أفراد الأسرة في الفترة المسائية وقد يمتد إلى الصباح مع بعض الأسر مما يشكل عائقا أمام قيامهم بمسؤولياتهم تجاه أسرتهم. أضف إلا ذلك المحتويات الهزيلة بل والضارة التي تقدم في بعض برامج التلفاز التي تكون ضحيتها الأسرة التي تنشب بينها الخلافات نتيجة التعلق بما يعرض.
والإنترنت أو شبكة المعلومات العالمية أحدث وسائل الاتصال التي دخلت على الأسرة في الفترة الأخيرة، وهي وإن تعددت إيجابياتها، إلا أن سلبياتها طغت على إيجابياتها بسبب عدم حسن تعامل أفراد الأسرة مع هذه الخدمة.
الخدم: هذه الفئة العاملة التي انتشرت في المجتمعات العربية وخصوصًا الخليجية وينتج عن الأدوار المختلفة التي يلعبها الخدم في المنازل كثرة الخلافات بين الأزواج حول عمل الخدم، ثم المشكلات بين الخدم وأحد الزوجين التي تصل إلى حد ارتكاب عدد من الجرائم المختلفة من سرقة واعتداء، بل وصل الأمر إلى حد القتل من قبل كلا الطرفين؛ والمحصلة هي التفكك الأسري.