إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

هي دار ابتلاء.. وكلنا فيها سواء

سالم سعيد الغامدي

قد نتساوى وقد نختلف في عدد الكؤوس التي تقدمها لنا هذه الحياة الدنيا، والمليئةُ جِرارُها بشراب مُرّ العلقَم، وقد تتساوى وقد تختلف من شخص إلى آخر في تذوّق  طعم ذلك العلقم وقلّتِه وكثرتِه، ونكهتِه وراحتِه، ولكننا في نهاية الأمر، سنذوق جميعاً مرارة ذلك العلقم غير المستساغ، رضينا أم أبيَنا، فالبدوي الذي يسكن عُمق الصحراء، يشكو من قلّة وندرة الماء الصالح للشرب، أما ساكن المدينة الذي يجد الماء وأطايب الطعام ويملك النور والسخان والتليفون والتليفزيون فيشكو بدوره من الضغط والسكر وسوء الهضم، والملياردير المتنعّم الذي يسكن باريس يشكو أيضًا من فوبيا الأماكن المرتفعة ومن الاكتئاب والقلق والتوتر، والذي منحه الله الزوجة الجميلة يجد نار الغيرة تعتلي قلبَه وتحرقُه، وذلك خوفًا من خيانة تلك الغانية له، ثم لا يجد للراحةِ طعمًا، والذي حالفه الحظ وحظيَ بشهرة واسعة وكبيرة تجده قد ضعفت نفسه وانتصرت عليه أمام المخدّر الذي دمّر حياته، والحاكم الذي أُتيحَت له  فرصةُ التحكُّم في رقاب الناس وما يملكون من متاع الدنيا تجده خادمًا لشهواته وذليلاً لنزواته.

إذًا.. هذه الحياة الدنيا تخدع وتكذب على مَن على ظهرها، وإنَّ كذبها قد يلف حول محيط الأرض، وذلك في انتظار أن تلبسَ الحقيقةُ حذائها، فكذِبُها يعم أرجاء الأرض، أما حقيقتها فلا بد من البحث عنها كالبحث عن الإبرة في كومة من القِشّ، فطوبى لِمَن اتخذ حقيقتها مطيةً للعبور إلى الحياة الآخرة الصادقة، وتعسًا لِمَن خدع نفسَه وصدّقَ أخبارها الكاذبة، والتي ستُلقي به حتمًا في باطن الأرض ملومًا محسورًا.

بقلم/ سالم سعيد الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88