التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

عبقرية خالد بن الوليد في معركة اليرموك

خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أبو سليمان، وقيل أنه أبو الوليد، وأمه هي لبابة الصغرى، وهي بنت الحارث بن حزن الهلالية وأخت ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله وأخت لبابة الكبرى زوجة العباس بن عبد المطلب عم النبي -عليه الصلاة والسلام- وخالد بن الوليد هو ابن خالة أولاد العباس بن عبد المطلب الذين من لبابة، وقد وُلد خالد بن الوليد في مكة المكرمة سنة 592م، وعاش في عائلة مكونة من ستة إخوة وأختان، وكانت نشأته هو وأخوته مترفة، فقد كان والده سيداً من سادات قريش وأثريائها، وكان يرفض أن تُشعل نار عدا عن ناره لإطعام الناس، كما كان يكسو الكعبة لوحده، فقريش بأكملها تكسوها عاماً وهو لوحده يكسوها عاماً، أما فروسية خالد بن الوليد فتعود إلى تعلُّمه لها منذ صغره، وقد كان مُحباً لها ومبدعاً ومتميزاً فيها، ولم يكن أحد يُقاتل بسيفين في ذات الوقت إلّا هو والزبير بن العوام، كما كان خالد بن الوليد يقود الفرس برجليه، وقد منحه تميزه في الفروسية أن تُنصبه قريش قيادة فرسانها.

اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
يعدّ خالد بن الوليد القائد العام لجيش المسلمين في معركة اليرموك، وكان بصحبته ما يزيد، أو يقل بقليل عن 36-40 ألف مقاتل، ويُذكر أنَّه قام بتقسيم الجيش إلى كراديس تتراوح من 36-40 كردوساً، وكان في كلّ كردوس 1.000 مقاتل، وكانت هذه الكراديس مُقسمة إلى قلب، وميمنة، وميسرة، ووضع على كلّ واحدة منها أميراً، وهم كالآتي:

أبو عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه- قائد كراديس القلب.

عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قائد كراديس الميمنة.

يزيد بن أبي سفيان قائد كراديس الميسرة.

نبذة عن معركة اليرموك

وقعت معركة اليرموك في العشرين من شهر آب في عام 636م، وكانت هذه المعركة بعد الضربة القاضيّة التي تعرض لها الفرس الساسانيين في معركة الفراض، وفي هذه المعركة تمكنت القوات الإسلاميّة بقيادة خالد بن الوليد من الاستيلاء على الجيش البيزنطيّ في منطقة اليرموك، والتي تقع على مقربة من الحدود السوريّة الأردنيّة المعاصرة، ويُذكر أنَّ المعركة الرئيسيّة استمرت لمدة ستة أيام.

وسُميت معركة اليرموك بهذا الاسم نسبة إلى وادي اليرموك، وهو المكان الذي وقعت فيه المعركة، واليرموك هو نهر ينبع من جبال حوران، ويجري بالقرب من الحدود بين سوريا وفلسطين، ثمَّ ينحدر إلى الجهة الجنوبيّة، ويصب في غور الأردن، ثمَّ في البحر الميت، ويصب أخيراً في جنوب الحولة، ويتواجد في الجهة اليُسرى من اليرموك وادٍ فسيح مُحاط بجبال شاهقة الارتفاع من جهاته الثلاث.

عبقرية خالد بن الوليد في معركة اليرموك

بعد أن تولى خالد بن الوليد القيادة في معركة اليرموك كان أول ما فكر فيه أن يعيد تقسيم هذا الجيش الكبير بحيث يبدو أكثر عددًا حتى لا يصير تفوق الروم عدديًا من الدوافع المعنوية لهم، وحتى تصبح حركة الألوية والفرق أكثر سهولة وخفة ومرونة.

وبناء على هذا الفكر والرؤية الاستراتيجية قسم الجيش إلى ستة وأربعين كردوسًا، كل كردوس يتألَّف من ألف رجل يتأمَّرهم أمير من أولي البأس، ثم قسَّم الجيش إلى قلب وميمنة وميسرة، فأما القلب فيتكوَّن من خمسة عشر كردوسًا، تحت قيادة أبي عبيدة بن الجراح، وأما الميمنة فتتألَّف من خمسة عشر كردوسًا، تحت إمرة عمرو بن العاص، ويُعاوِنه شرحبيل بن حسنة، وأما الميسرة، فتتكوَّن من عشرة كراديس بقيادة يزيد بن أبي سفيان، وأما بقية الكراديس فتكون احتياطًا في الساقة تحت قيادة عكرمة.

من ناحية أخرى كان من توفيق خالد بن الوليد في معركة اليرموك أن اختار لتمركز قواته مواقع حصينة بحيث تكون المدينة المنوَّرة خلفهم ليحتَفِظ بخطوط الإمدادات، بينما كان الروم يُرابِطون في موقع محصور بين سهل فسيح في منحنى نهر اليرموك، ومن خلفهم منخفض سحيق اسمه (واقوصة) تحيط به من ثلاث نواحٍ جبال بالغة الارتفاع مما جعلهم محصورين بين الجبال ومن أمامهم الجيش الإسلامي.

وفاته

أما عن وفاة خالد بن الوليد فقد كانت في 18 رمضان سنة 21هـ، أي ما يوافق 20 آب/أغسطس من عام 642م، وقد مات في فراشه وهو يبكي شوقاً للشهادة، وقال مُعبراً عن حُزنه: (لقد حضرتُ كذا وكذا زحفًا وما في جسدي موضع شبر إلَّا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء) وكانت وفاته في حِمص في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن عُمر يناهز بِضع وأربعين سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى