زوايا وأقلاممشاركات وكتابات

نحن لا نؤجل أفراحنا

عندما كان صدام حسين يطلق الصواريخ على الرياض كنا نصعد فوق أسطح المنازل لمشاهدتها.

الشباب في جازان ونجران وعسير يذهبون إلى المدارس في الصباح ويلعبون كرة القدم في المساء في الملاعب المكشوفة وصورايخ الحوثي والدفاعات السعودية من فوق رؤوسهم.

في قرية جنوبية سعودية مات ابن أحدهم في الصباح وكان زواج إحدى بنات القرية في المساء .. فطلب الأب اثنين من الجماعة يساعدونه في دفن ابنه وأقسم على الباقين بالذهاب مع العروس إلى القرية الأخرى كما تجري العادة هناك.

أجدادنا كانوا يدفنون قتلى الغزاة من الجيش العثماني ويرقصون فوق قبورهم، ومن لا يرقص ويؤدي العرضة من الصبيان بعد ختانه مباشرة فهو جبان في نظرهم.

ليس لدينا طقوس للموت، ندفن حتى ملوكنا في قبور عادية، ولا نعرف الحداد ولا تنكيس الأعلام.

الإمام عبد الله بن سعود سلم نفسه وأهله لإنقاذ أهل الدرعية من الحصار الرهيب الذي تعرضت له من جيش محمد علي باشا.

في تحالف الشرعية في اليمن خاض جنودنا جنبًا إلى جنب مع الجيش اليمني حربًا شرسة لسبع سنوات، وقاتلوا وقتلوا ولم نؤجل أعمالنا ولا مناسباتنا وأفراحنا ولم ننتقم ولم نحرق الأرض رغم قدرتنا على ذلك .. بل نبني ونعمر في اليمن ونفتح الطرقات وننشئ المدارس ونزود شعب اليمن بالمساعدات حتى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي.

كان عبد الناصر يقاتل في اليمن بسبعين ألف جندي ويحاول قلب النظام في السعودية ويقصف جازان ونجران والوديعة بالطيران ويشتم ملوك السعودية هو والسادات عبر الإذاعات ويحرك الخلايا في الداخل وينزل لها السلاح بالطيران ومع ذلك لم نتخل عن مصر في كل حروبها ودعمناها بالمال والسلاح وقطع النفط عن الغرب.

دعمنا صدام حسين في حربه مع إيران بالسلاح عبر جسر بري من ميناء القضيمة على البحر الأحمر إلى البصرة لمدة ثمان سنوات لكننا جيّشنا عليه العالم وحاربناه ودفعنا فاتورة الحرب وطردناه من الكويت 1990 وفي 2003 طلبت منا أمريكا التدخل لاحتلال العراق فرفضنا ذلك بكل قوة.

الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، قال: فلسطين لا ينقصها الرجال؛ ادعموهم بالسلاح فقط وسيحررون أرضهم. وعندما أجمع العرب على القتال أرسل هو وأبناؤه من بعده الجنود السعوديين في الحروب مع إسرائيل، وكانوا صفًّا واحدًا مع العرب في (48، 56، 67، 73) رغم مغامرات بعض الحكام والنكسات التي تعرضوا لها، ومنها نكسة حزيران التي وعد فيها عبد الناصر بإلقاء إسرائيل في البحر، فذهبت سيناء وغزة والجولان والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية إلى إسرائيل.

وخلال كل تلك الحروب لم تتوقف التنمية في السعودية ولم نبالغ في إقامة العزاء، لا لأبنائنا وجنودنا ولا لقتلى جيراننا.

هذه المواقف أوردها لتفهموا العقلية السعودية، والحكمة السعودية، والشجاعة السعودية، وكيف نفكر، وكيف نتصرف. 

نحن ندعم، ونحارب، ونقف مع الحق العربي ونناصر قضاياه. وعلى سبيل المثال فقط فإن السعودية هي الداعم الأول في العالم للقضية الفلسطينية بمبلغ يتجاوز حجم دعم الدول العربية مجتمعة من الخليج إلى المحيط، وتأتي بعد السعودية دول الاتحاد الأوربي مجتمعة ثم أمريكا ثم الدول العربية ودول العالم، حيث وصل الدعم بين عامي 94 و 2021 فقط أكثر من 3 مليار و 460 مليون دولار، ولكننا لا نشجع المغامرات ولا ندفع فواتيرها، ولا نتباكى كالنساء، ولا نتراكض كالبغال في الطرقات وننهق كالحمير، ونعتقد أن هذا هو النضال والدعم.

نحن نفعل فقط.. وفي نفس الوقت لا نعطل أعمالنا، ولا نؤجل أفراحنا، ولا تهمنا الطقوس الحزائنية حتى على موتانا، ونحن نبني ونعمل ونستثمر مواردنا لنكون أقوياء في هذا العالم.. لا دراويش شعاراتيين فقراء ضعاف.

هذه هي طبيعتنا وهذا هو تفكيرنا.

بقلم/ صالح جريبيع الزهراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88