زوايا وأقلاممشاركات وكتابات

نموذج فريد من شواعر الوطن: خنساءالمدينة/ منى البدراني

سيرة وعطاء

قبل عشرين عامًا تقريبًا كانت المنتديات الأدبية عبر الشبكة العنكبوتية هي المجال الأوسع والمحبذ لكثير من شرائح المجتمع على مختلف طبقاتهم وتخصصاتهم.

يلتقي فيها الأدباء والشعراء والمهتمون بشؤون الثقافة وغيرها.

كانت مجالا خصبًا لتبادل الفوائد والمعلومات بشتى صورها، سواء على مستوى وطننا أو الوطن العربي وحتى العالمي.

وعبر منتديات أزاهير الأدبية العريقة، ولعلها الآن لم تعد على الشبكة حيث ذهبت بما حملت من علوم وآداب ولغة ونحو وأطروحات وغير ذلك.

عبر ذلك المنتدى العريق كان هناك شواعر مجيدات بارعات، طرقن الساحة الأدبية يفدن من تجربتهن الشعرية واللغوية بعطاء مستمر.

وارتاد المنتدى أيامها جهابذة اللغة والشعر فطابت المسامرات والنقاشات بشتى صورها.

وممن كان بذلك المنتدى العريق شاعرة المدينة خنساء المدينة

الأستاذة/ منى بنت عائض البدراني، حيث استطاعت بشاعريتها نيل شهرة في ذلك الوقت، بل أخذت مساحة شاسعة على مستوى الوطن سواء عبر المنتديات أو عبر الفيس بوك بعد ذلك، ثم تويتر لاحقا.

هذه الشاعرة التي أطلق عليها نقاد كبار وشعراء كثير -كما هو في سيرتها المسموعة والمقروءة- أطلقوا عليها ذلك اللقب التأريخي الأصيل؛ لأنها شاعرة متمكنة مجيدة ، وشعرها محافظ مبنى ومعنى، ولعل ذلك هو معيار اللقب عندهم، مما جعلوها توأما لتلك الشاعرة التأريخية الأصيلة.

وفي تلك الفترة قرأنا للشاعرة البدراني نصوصا وطنية تصور الولاء والحب للوطن وقادته ، صارت نموذجا أصيلا فريدا في هذا الشأن، وأكبر دليل على ذلك هو مقابلتها لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- بالجنادرية واستضافتها في عدد من مناطق المملكة، وشعرها في هذا الشأن كثير وكثير.

ومن تغنيها في الوطن قولها:

بحرٌ هــــواكَ بهِ الجَــوانحُ تَغْـــرَقُ

والرُّوحُ تهفو.. كم لِــــنوركَ تعشقُ!

تشـــدو ترَانـيمَ الـــــوَلاءِ تُحـــــلِّقُ

يا موطنَ الإجلالِ نبضُكَ في دمِي

وأيضًا:

يامَوطِـنَ المجْدِ يا فِــيضًا يُعَانِقُنا

والأمْــنُ راحَتُنا والحِضْنُ والكَنَفُ

يامَـنْ إليهِ حُـــرُوفُ الضَّادِ حَــائِرةٌ

أيَّ القَوافِي مِن الوِجْدَانِ تَقْتَطِفُ

وهو ما يصور انتماءها وحبها لوطنها.

وليس ذلك فحسب، بل إنجازاتها في أوبريتات كثيرة كانت صفحات مشرقة جدا، على سبيل المثال:

أوبريت (قوافل المجد)لنادي الأحساء الأدبي، وأوبريت (من الإمام إلى الأمام) لإدارة تعليم المدينة، وأوبريت (طيبة مراسيل السلام)لرواق أديبات ومثقفات المدينة، ومنها أوبريت (صمود وعطاء) لمدينة طيبة للتربية الخاصة، وموشح (ارتواء)

لرواق أديبات ومثقفات المدينة.

حيث حازت السبق في ذلك، ونالت الشهادات والإشادات المشرفة، وهي تستحق الكثير والكثير.. ولم تقتصر على جانب التغني بالوطن؛ بل شاركت بنصوص مجتمعية كثيرة، وفي القضايا الوطنية وأحداث الساعة، حيث زخرت كثير من نصوصها بذلك، ومن تلك النصوص (بيروت، غدًا ستعود، عيد ولكن!، أقدار توق!، ما لليالي تسرع؟!)

وغيرها.. فهي تقول عن المعلمة:

المـــجدُ طــــرَّز للمــــنيرةِ أسْــطُرا ولِفضـــلِها هتفَ الثنــــــاءُ وأمْطَرا

والشعرُ غــنَّى في مـــواكبِ يومِــها متمــايلَ الأوزانِ يــــعلو المِــــنْبرا

يُهدي إلى الشَّرفِ الــــعظيمِ تحيةً وجـــزيلَ مــــدحٍ بالــولاءِ مُــــعطَّرا

وتتحدث عن اللغة العربية قائلة:

فصاحةُ ضادٍ تزدهيها المطالـــــعُ

فيُنسجُ من حرفِ القصيدِ روائــعُ

تفيضُ بحورُ الشعرِ فيها تبجُّلاً

وفيضُ هواها من فؤاديَ نابــــعُ

خلودٌ بذكرِ اللهِ والأصلُ راســــــخٌ

تتيهُ حبوراً في سمـاهُ طوالــــــعُ

هنيئاً لضادٍِ في اللغاتِ كأنهــــــا

ضياءٌ لبدرٍ في معاليِــــهِ ساطــعُ

وتصور جانب الأمومة بقولها عبر نص جميل:

نَــعَمْ.. بِدَرْبِـــيَ يَا أُمَّــــاهُ خَــارِطَةٌ

إِلَـىْ النَّــعيمِ.. فَـمَا الجَنَّاتُ إلاَّكِ؟!

سَقَيْتُــكِ البِـرَّ مِنْ شُطْـآنِ قَـــافِيتِي

عَــسَى نَسَائِمُهــا فِيْ النَّأيِ سَلْوَاكِ

وتقول عن العيد:

أين ارتسامُك في الخفّاقِ يا عيدي؟

بل أين ضمُّكَ أفراحِـي وتغريـــدِي؟

وأين أنْسٌ مع الأحبابِ يغمرُنـــي؟

وأينَ ثغـــــرُ السنـا فتّانــــةِ الغيدِ؟

ففرحتي بهتتْ كالحرفِ في شفتي

أضناني البـــينُ والأشعارُ تنهيدي

وللشاعرة البدراني مشاركاتها في جانب عملها وتخصصها الإشرافي، فقد كتبت نصوصا تشجع وتدعم تميز المواهب:

هَذِي المدِينَــــةُ كَوْكَبٌ وَقَّـــــادُ

فِي ظِلِّــهَا تَتَنَـــافَسُ الأمْــــجَادُ

شَرَفُ المَكَارِمِ قَدْ تَـوسَّدَ مَهْدَهَا

دَارُ الحَبِيْبِ بِفَخْـــرِهَا تَــــزْدَادُ

تَلكَ الموَاهِبُ قدْ تَنافَسَ فنُّها

ومضى يُحَـــاوِرُ حَــوْلَهُ الأَنْـدَادُ

ولم تنس الظروف الراهنة في جائحة (كرونا) والتعليم عن بعد فقد كتبت الكثير، ومن ذلك:

ذَا موكبُ التعليمِ ركبٌ ســائرٌ

رغمَ الجوائحِ والتباعدِ يُــثمـرُ

قنواتُهُ في البثِّ يَبرُقُ طيفُــها

فإذا بوابلِها يَفِيــضُ ويَغمُـــرُ

ومِنصةٌ في ظلِّها وهجُ الرؤى

لِتضُمَّ جيــلاً للمطامحِ يمخرُ

وصوّرت المنافسات المسرحية بالقصيم، ومن ذلك:

فهذا مسرحُ الإبداعِ حضـنٌ

وصقلُ الفنِّ فيهِ يستــديــــمُ

فنونٌ من بنيهِ تبــــرُّ فِيـــــهِ

كما الإلقـــاءُ يبدعهُ الكليــــمُ

و تمـــثيلٌ وإنشادٌ و شعــــرٌ

كذا الأفكارُ يكتبُها الفهيـــــمُ

وكثير وكثير من الأغراض التي استهوتها.

كما كتبت في وصف المدن، كالمدينة والنماص وغيرهما.

فهي تقول في وصف مدينة الرسول ﷺ:

بابُ المحبةِ في هـــــواها يُِطْرَقُ

والحرفُ من فرَطِ الصَّبابةِ يَنطِقُ

مهما أُبالِغ في غَـــــــرامِ حبيبتي

لا أكتفي وببحرِها أنا أغْــــــــرقُ

وأيضا في مكة المكرمة:

يمـمتُ روحيَ نـحو كـعبتِنا الـتي

بوشـاحِها طــهـرٌ عـظـيمٌ أبـيـضُ

طافـتْ قلـوبُ الوالـهين برَحْـبِها

والعشقُ في الركنِ اليمانيْ يُمْحَضُ

وكذلك في مدينة النماص:

من وجهكِ الوضَّاءِ غارَ الكوكبُ

ومن الغيومِ همى علينا الصيّبُ

تيهي نماصَ الشوقِ في فلكِ الهوى

فبكِ الجمالُ السرمديُّ المُسْهَبُ

وسطرت في الجانب الوجداني ورؤى النفس الكثير والكثير ، بل أعطته مساحة من خيالها الخصب، ومن ذلك نص بعنوان:

 (أطواق حب).. حيث تقول فيه:

أهزُّ جذعـــــاً من الأوتـارِ أكتبُـــــهــا

فيسقطُ الجرسُ من ديباجــةِ العَذِقِ

يلملمُ العشـــقُ ذراتِــي فينثـُــرُهـــا

في لُجةِ الشعرِ لا يخشى من الغــرقِ

وأيضا من نص بعنوان: (حيرة) تقول:

في فؤادِي نـــزفُ(لاءٍ) و(نعمْ)

حَيرةٌ كلْمى وأعْـــــــياها الألـمْ

من مجازاتِ الصَّحارِي صُغتُها

وسرابُ الحرفِ للظمْأى ارتسمْ

وطقــــوسٌ للقـــــوافي لـــيتها

عانقتْ أطـــــيافَ ذيَّاك النغمْ

وكذلك تماهيها في نص آخر بعنوان: (مداد من شعور)، ومما جاء فيه:

وعَاطِـــفتِي مِــــــدادٌ مِن شُعـــورٍ

عَلى أَوتَـــارِها يَنْهَــــالُ مَاطِـــــــرْ

وتَصْـــدِمُني رَيــــــــاحٌ عَاتيــــاتٌ

فَأوصِدُهــا بِأشـــرِعةِ المَحابِـــــرْ

عَلى وَضَـــحٍ وطُهْـرٍ جـــادَ شِعرِي

وضوءُ الشَّمسِ أَجْــدِلُهُ ضفائـِـــرْ

ولم تنس نبض حروفها ووجدانها (الشعر) بل وصفته بجميل الوصف، تقول عنه:

هو الشعرُ سحرٌ يُشنِّفُ سمعًا

ويأسرُ روحًــــا بوهــــج الدررْ

ففيهِ الــــرواءُ وفيهِ الشــفاءُ

ونبضُ الشــــعورِ ولحنُ الوترْ

وردّت على من تساءل عن لقبها (الخنساء) وقصة ذلك بقولها:

فأنا (المُنـــى) وجُذورِي (البدرانـي)

لقـــــبٌ تأصّلَ فخــــرَهُ بكيـــــانِـــي

ويزيدني (خنساءُ) وهجَ تــــــألقٍ

لأصــــــالةٍ توّجتُــــها ببــــــــيانِي

كما تضمن معجم أعلام النساء في المملكة للمؤرخة اللبنانية/ غريد الشيخ اسمها وسيرتها وأبرز إنجازاتها، وتضمنتها أيضًا موسوعة الشعر النسائي العربي المعاصر للمؤرخة المغربية فاطمة بوهراكة، كذلك معجم الشاعرات السعوديات للمؤرخ السعودي/ عبدالكريم الحقيل.

وقد ضمّن الأديب/ عبده فايز، موشحها (ارتواء) في كتابه (التلويح بشعراء التوشيح).

هذه نبذة موجزة عن سيرة الشاعرة/ خنساء المدينة، وتجربتها الشعرية المميزة، ضمنتها شواهد وصورا بسيطة، وذلك غيض من فيض، وشاعرتنا في غنى عن التعريف.

بارك الله الجهود.. ومزيدًا من العطاءات.

إعداد/ يحيى معيدي.. شاعر سعودي

مقالات ذات صلة

‫51 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88