إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

المنافي

أحمد جنيدو

قهرُ المنافي تمطَّى في مآقينا.

في هامــشٍ فارعُ الأيَّامِ يرمينا.

الغيبُ في توهةٍ يُلقي حقائبَنا،

ونحنُ نجترُّ حلمًا في منافينا.

كصفحةٍ مُـسِـحَتْ منْ دفترٍ تلفٍ،

ترمي إلى الموتِ أطفالًا تناجينا،

تَهوي مـشــاعرُنا تُنـسـى ملامحُنا،

تغفو ضمائرُهمْ باعوا أهالينا.

يا عابرَ الوجعِ المـسـكوبِ أدعيةً،

صرنا نلفُّ بدمعِ العينِ نـســرينا.

ونلعقُ اللعنةَ البغضاءَ غايتَنا،

حتَّى بلغنا غدًا تنكيرَ ماضينا.

لمْ يبقَ في شاطئِ الهجرانِ مركبةٌ،

إلَّا وداســتْ على إشـراقِ آتينا.

صارَ الفراغُ يضمُّ الكلَّ في أملٍ،

وصارتِ النَّزعةُ الكبرى تحاكينا.

منْ ألعنِ النَّكباتِ اليومَ تُرهقُنا،

في كلِّ فجرٍ بخطِّ الآهِ تأتينا.

خطى علينا مـشـيناها على وجعٍ،

وكلُّما كُتبتْ للوهمِ تمـشــينا.

ماذا تركنا على الأوطـانِ نذكرُهُ،

غيرَ الدُّموعِ تحزُّ الخدَّ تكوينا.

تُهنا على عرَضِ الدُّنيا بضائقةٍ،

كأنَّ نارًا على الأضلاعِ تأوينا.

لمرجلِ الوقتِ ترسـو غربةٌ ذَبَحَتْ

أحلامَنا في ابتلاعِ الأرضِ تحمينا.

فيحرقُ القلـبَ بعدٌ مرغمٌ وقـحٌ،

يُجمِّلُ القبحَ يبقينا ســكاكينا.

تلكَ المآســي مناراتٌ ملوَّنةٌ،

تنيرُ شــائكةَ الأبعادِ تغرينا.

يغيبُ واقعُنا في وصلِهِ سُـعُرٌ،

تندِّبُ الحزنَ والألوانُ تبكينا.

حكايةٌ بلَغَ التَّفـســيرُ مأربَهُ،

لا يفهمُ الرَّجلُ المعنيُّ تخمينا.

قدْ قالَ لي ســيِّدُ الإبحارِ عنْ ســفني

بأنَّ نوحًا رمى كفـرًا معاصينا.

لا عاصمَ صرعَ الإعصارَ يعصُمُنا

غيرَ ارتدادِ الـشَّـجى روعًا يقاضينا.

ونحنُ نبحرُ في خوفٍ مقاصدَنا،

تجدّفُ الماءَ منْ ضعفٍ أيادينا.

خذي مجاديفَ أهوالٍ تمزِّقُنا،

فالبحرُ يجهلُ يا أمِّي مرامينا.

كيفُ الوصولُ إلى الشطآنِ منْ غرَقٍ

وكيفَ أمواجُـهُ في البلعِ تحمينا.

وســكرةُ القدرِ الـ لولا تعاقبُنا،

منْ قبلِ غارقةِ البلدانِ تُعمينا.

رَبَّاهُ ما أضيقَ الدَّنيا بما رحبتْ،

آلامُنا استحكمتْ و القيدِ يُغنينا.

نغوصُ أعماقَنا خوفًا وتغطيةً،

لمْ يبقَ في غربةٍ إلَّا مآســينا.

نزمِّلُ البردَ والأكفانُ حاضرةٌ،

تمدُّ في حفرةِ الأمواتِ تكفينا.

في عينِ خائفةٍ أشــتاتُ مرحلةٍ،

ضاقتْ بنا أو تلاشـتْ منْ أمانينا.

ننـزُّ فاجعةً نتلو مصائبَنا،

في كلِّ تيهٍ كفاءُ الجوعِ يُرضينا.

يا طفلةَ العيدِ مرَّ العيدُ محتـشــمًا،

قدْ ضاجعَ الفقرَ في ســخفٍ يداوينا.

لا عيدَ مرَّ ولا حنَّتْ ودائعُهُ،

في ظلِّ قترٍ نداري ما يدارينا.

منْ أرقمٍ كَتَمَ الأفواهَ أخرسَـها،

نبكي علينا فقدْ فاتتْ بواكينا.

تلبُّ في طعنةِ الأحبابِ دمعتُنا،

كمْ أقفرتْ ضحكةٌ كانتْ تواســينا.

لمْ يبقَ في الدَّارِ إحساسٌ ولا بـشـرٌ،

أشباحُها رقصوا في الصَّمتِ تخوينا.

لمْ يبقَ في العينِ دمعٌ غيرَ مغبرِهِ،

يوشــي إلى ألمٍ ســـرًّا أغانينا.

في العينِ ترقدُ نارٌ كيفَ نمسـحُها،

تقلُّباتُ صفيحِ الصَّبرِ تـشـــوينا.

يا غربةَ الظلمِ هذا الحلمُ يحكمُنا،

ونحنُ صرنا رذاذًا رشَّ عرنينا.

يقولُ عنَّا ومنَّا أمَّةٌ ســقطتْ،

هذا انبثاقُ الأنا منْ جرحِ ما فينا.

ســنحفرُ الصَّخر كي نلقى منابعَنا،

فنحنُ منْ يدفقِ الأرحامَ تكوينا.

الشاعر/ أحمد جنيدو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88