أبو الدرداء الأنصاري.. حكيم الأمة

اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
كيف أسلم أبو الدرداء
فقال أبو الدرداء أعدي لي ماءً في المغتسل، ثم قام فاغتسل، ولبس حلته، ثم ذهب إلى النبي، فنظر إليه ابن رواحة مُقبلا، فقال: يا رسول الله، هذا أبو الدرداء، وما أراه إلا جاء في طلبنا، فأخبره رسول الله أن أبا الدرداء إنما جاء ليسلم، وأن الله وعد رسوله بأن يسلم أبو الدرداء، وبالفعل أعلن أبو الدرداء إسلامه، فكان من خيرة الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-.
كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- معروفاً بحكمته، فكان دائم التفكّر والاعتبار، عارفاً بأمور الدين والدنيا والأموال، كثير الذكر والتسبيح دون فتورٍ أو مللٍ، وكثير الدعاء لأصحابه أيضاً، وكان يقدّم الأدعية المهمة بعضها على بعض، ومن عظمة حكمته أنّه كان يعتبر ويتّعظ في المعارك بخسارة الأعداء قبل أن يفرح بالنصر، وكان يُؤثر البقاء في الحياة الدنيل للزيادة في الأعمال الصالحة والعبادات التي ينال فضلها في الآخرة، وفي فترة مرضه كان يعتبر ويتّعظ ويذكّر الناس.
حياته بعد إسلامه
شهد أبو الدرداء مع رسول الله غزوة أحد وغيرها من المشاهد، وعرف بالعفو والسماحة، ويحكى أن رجلا قال له ذات مرة قولًا جارحًا، فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه، فعلم بذلك عمر بن الخطاب، فغضب وذهب إلى أبي الدرداء وسأله عما حدث فقال: اللهم غفرانًا، أوكل ما سمعنا منهم نأخذهم به (أي نعاقبهم ونحاسبهم عليه)؟!.
وكان أبو الدرداء تاجرًا مشهورًا، فلما أسلم تفرغ للعلم والعبادة، ويقول عن إسلامه رضوان الله عليه أسلمت مع النبى وأنا تاجر، وأردت أن تجتمع لى العبادة والتجارة فلم يجتمعا، فتركت التجارة وأقبلت على العبادة، وما يسرنى اليوم أن أبيع وأشترى فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار، حتى لو يكون حانوتى على باب المسجد، ألا إنى لا أقول لكم: ان الله حرم البيع، ولكنى أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وصف بالشجاعة، حتى قيل عنه: نعم الفارس عويمر. وكان ينطق بالحكمة، فقيل عنه: حكيم الأمة عويمر.
وكان لأبي الدرداء ثلاثمائة وستون صديقًا، فكان يدعو لهم في الصلاة، ولما سئل عن ذلك قال: إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب إلا وكل الله به مَلَكيْن يقولان، ولك بمثل، أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة؟!
من دعائه “اللهم انى أعوذ بك من شتات القلب” سئل: وما شتات القلب يا أبا الدرداء؟ فأجاب: أن يكون لى في كل واد مال.
وقال رضى الله عنه: من لم يكن غنيا عن الدنيا، فلا دنيا له وقال أيضا: لا تأكل الا طيبا ولا تكسب الا طيبا ولا تدخل بيتك الا طيبا. ومن أقواله- رضي الله عنه -: من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قلّ عمله وحضر عذابه.
رُوي عن الواقدي أنّ أبا الدرداء -رضي الله عنه- توفي في السنة الثانية والثلاثين للهجرة النبوية، زمن عثمان بن عفان، في دمشق، ورُوي أنّه توفي في السنة الحادية والثلاثين في الشام، وقيل سنة أربعٍ وثلاثين أو ثلاثٍ وثلاثين، والصحيح أنّه توفي زمن خلافة عثمان حيث كان قاضياً لمعاوية، وكانت وفاته قبل مقتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعامين.